المبعوث الأممي والترقيع.. راية جريفيث التي تبحث عن تكافؤ للحوثيين
أكثر من خمسة أشهر مرّت على اتفاق السويد دون أن يحدث شيء، إذ لم يحدث أي اختراق في جدار الأزمة، لتُترَك الفرصة سانحةً أمام مليشيا الحوثي الانقلابية لتعيث في الأرض مزيداً من القتل والإفساد.
وباتت تتفق أغلب التحليلات على أنّ المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث قد أخفق في مهامه التي عُيِّن من أجلها، مُسجِّلاً فشلاً أممياً جديداً في أزمة فاق عمرها الخمسة الأعوام، ولا يتوقف إحصاء القتل عن بيانات جديدة، ويأخذ الجوع وتفشي المرض يتغولان أكثر وأكثر.
تقول صحيفة الخليج، اليوم الثلاثاء، إنّ المبعوث الأممي لم يُحدث أي اختراق في عملية التفاوض للوصول إلى حل حقيقي ومستدام للأزمة، فلا يزال يراوح مكانه من دون أن يتقدم خطوة جادة وكبيرة في طريق الحل الذي ينتظره الملايين، بل إنَّ مواقفه التي يعلنها بين وقت وآخر، لا تعدو عن كونها مجرد حلول ترقيعية لا تمس جوهر الأزمة القائمة في البلاد منذ صيف 2014.
وأضافت أنّ الإحاطة التي قدَّمها جريفيث يوم الأربعاء الماضي أمام مجلس الأمن لم تحمل جديداً، فقد كرَّر ذات العبارات والجمل التي يستخدمها منذ أكثر من عام على تعيينه خلفاً للمبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ، الذي سبق وأن تعرض لحملة تشويه من قبل الحوثيين، ووصل الأمر إلى حد محاولة الاعتداء عليه في إحدى زياراته إلى صنعاء، بعد خروجه من المطار.
طريقة تفكير جريفيث ومعالجته للأزمة، بحسب الصحيفة، لم تفصح عن وضوح في الرؤية منذ الأسابيع الأولى لتسلمه مهامه في فبراير من العام الماضي، رغم زياراته المكوكية إلى صنعاء، لم يعد معها المراقبون قادرين على إحصائها، إذ أنَّ بعضها يعلن عنها سابقاً وأخرى يتم الإعلان عنها بعد إتمامها، لدرجة أنَّ البعض يشير إلى أن مواقف الرجل صارت تتماهى إلى حد كبير مع التوجه العام للحوثيين، الذين يكرسون المشهد باعتباره صراعاً بين طرفين يتمتعان بالتكافؤ والندية، مع أن قرارات مجلس الأمن الدولي ترى توصيفاً مخالفاً تماماً.
"يتحدث جريفيث في الغالب عن موضوعات لا صلة لها بأرض الواقع، بل ويمنح شهادات مجانية للحوثيين، هم في حاجة إليها لتلميع صورتهم أمام المجتمع الدولي، كما حدث في الإحاطة الأخيرة له في جلسة مجلس الأمن، التي أشار فيها إلى أن الحوثيين انسحبوا من الموانئ الثلاثة في الحديدة بموجب اتفاق السويد وسلموها للسلطات المختصة، ورأى في ذلك خطوة إيجابية، مع أن السلطات التي تم التسليم لها هي في الأساس قوات تابعة للحوثيين، وهو ما يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تدعو إلى تسليم المناطق للسلطات القائمة قبل الانقلاب في 2014، وأن يكون الأمر بمعرفة الحكومة اليمنية وليس في غيابها".. توضح الصحيفة.
وتشير إلى أنّ جريفيث يدرك أنَّ ما يحدث في الحديدة لا يعدو عن كونه مراوغة من قبل الحوثيين، لكنه لا يريد الاعتراف بذلك، لأنَّه لا يرغب في الظهور بأنَّه لم يُحقِّق اختراقاً في مهمته، وتبدو هذه الرغبة شديدة لدرجة أنّه أقنع الحوثيين بإعلان انسحابهم قبل ثلاثة أيام من اجتماع مجلس الأمن الدولي لاستغلال الحدث للترويج لنجاح، حتى وإن كان شكلياً وغير ذي قيمة.
واختتمت بالقول: "جريفيث أكَّد قدرته على تنويم المعنيين في الأزمة، ويحاول أن يسوق نجاحاً لا يلمسه أي يمني يكتوي بسياسة الخداع الذي يجيده الحوثيون تماماً، أما الحل الحقيقي فهو يتحاشى الاقتراب منه تماماً".
وكان وفد الحكومة التفاوضي، برئاسة العميد الركن عسكر زعيل، قد شنَّ هجومًا لاذعًا على جريفيث، مشككًا في نزاهته، وقال عبر حسابه على "تويتر": "المبعوث الأممي مارتن جريفيث لم يعد وسيطًا نزيهًا، وقد تجاوز حدوده أكثر من اللازم، ويعمل بشكلٍ مخالفٍ لمهامه كمبعوث".