الشعب الأقذر عالميا لا يقدر عامل النظافة

وأنا أراهم في الشوارع دائما ما يباغتني سؤال اجابته مخيفة جدا.. ما هو الضامن لكي يستمروا في خدمتنا، وما هو المغري لكي يلتحق آخرون بهذا العمل الشاق، والأكثر أهمية للانسان والبيئة؟
اتحدث هنا عن عمال النظافة أما الإجابة: بالطبع لا شيء يضمن استمرارهم في ظل ما يعانون من هضم لابسط حقوقهم نظير جهود تفوق مهام أكبر مسؤول في الدولة، ولا شيء يمكن أن يغري آخرين لمجرد التفكير بالعمل في ذات المجال.
نحن الشعب الاقذر عالميا ما نزال نزدري عامل النظافة، نحن الشعب الذي لا يتحلى بأدنى وعي بيئي ما نزال نؤذي من يعمل بالنظافة، نحن الشعب الملوث من الداخل ما نزال نتأفف من عمل عامل النظافة، ولهذا سنظل شعب متخلف إلى منتهى الوجود.

عامل النظافة الذي مات البارحة في عدن وهو يؤدي عمله وتم نقل جثمانه بسيارة نظافة اسوء تجلي لتعاملنا جميعا مع أهم شريحة في المجتمع، عامل النظافة هذا هو أنقى وأطهر من ألف مسؤول في حكومتنا القذرة.

عامل النظافة هذا قضى حياته في خدمتنا وبدلا من أن نكافئه على الأقل بتكريمه بالدفن دُفن جسده في سيارة اعتاد أن ينقل بها القمامة، وبرغم اللفتة الإعلامية والتفاعل الايجابي مع القضية إلا أننا كإعلاميين لم نصل حتى الآن إلى اسمه، وهذه مأساة اجتماعية أخرى.

شخصيا بدأت مسيرتي الإعلامية المتواضعة بتقرير تلفزيوني عن عمال النظافة في اليمن، حاولت أن أسلط إضاءة إعلامية خفيفة على زاوية معتمة يتحرك فيها رجال النظافة، هذه الشريحة التي اوكلت لها مهمة تنقية حياتنا من شوائب البيئة تعاني من ظلم دولة يتمثل في هضم حقوقهم ومن ظلم مجتمعي يتمثل بنظرة ازدراء ودونية، غير أننا اليوم أمام قضية كبيرة اثارها موت عامل النظافة هذا، وينبغي أن تكون قضية رأي عامل ضاغط على الحكومة لتحسين مستوى معيشة عمال النظافة وتقدير جهودهم برواتب تتناسب مع ما يقومون به من أعمال كبيرة ومهمة، وكذلك ينبغي أن يعي المجتمع أهمية النظافة في حياته وبيئته وعندها سيقدر عامل النظافة الذي لولاه لتعفنت المدن والحياة والوجود.