عن استقالة وزير خارجية الشرعية
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
الحقيقة إن لدي الكثير مما يمكن قوله عن الأخ خالد اليماني كوزير خارجية لدى الحكومة الشرعية، لكنني احتراماً لخصوصيته سأحتفظ بكل هذا في أرشيفي الخاص بعد أن قدم استقالته من منصبه وغدا مواطناً عادياً ولم يعد شخصية عامة قابلة للنقد والتناول الإعلامي العام.
أما ما سأتناوله هنا فهو استجابة لطلب أحد الصحفييين والإعلاميين المعروفين الذين أعزهم معزةً خاصة، تعقيبا على حادثة الاستقالة ذاتها، وليس تقييما لأداء الرجل وسلوكه الوظيفي والسياسي.
* * *
استقالة الأخ اليماني وزير الخارجية من منصبه كانت متوقعه، من حكومة هي أشبه بماكينة مركبة من أجزاء ومكونات متعددة الماركات والمنشأ ومواد التصنيع ومستويات الجودة، فوزارة الخارجية لم تعد كما عرفها هو وعرفها اليمنيون، أو على الأقل كما عرفها طاقمها الوظيفي وبالذات الدبلوماسي منه، فمع تسليمنا بأن هذه الوزارة قد ظلت مثل بقية الوزارات حكرا على المخلصين والموالين لنظام الرئيس الفرد، أو غير المرغوب فيهم من المعارضين أو المتفوقين، ممن كانوا (بتفوقهم) يخيفون (الزعيم الرمز) فقد كانت تحتوي على عدد من الكفاءات الخبرات وبعض الشخصيات الوطنية ذات الاعتبار المحترم، لكن هذه الوزارة قد تحولت خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى مجمع للفساد والمحسوبية والوصولية، وللجماعات المنتفعة، وغاب عنها الأكفاء والماهرون وذوي الخبرة إلا ما ندر، وكما نعلم فإن المتحكمين في صناعة القرار لا يقبلون الشركاء حتى وأن لبوا لهم ما يريدون، بل إنهم يبحثون عن أتباع في شكل شركاء.
الميزة الوحيدة التي يمتلكها خالد اليماني هي أنه آتٍ من وزارة الخارجية، لكن كما يعلم الجميع فقد فرضت عليه الكثير من الإملاءات بما في ذلك اتفاق ستوكهولم وبعض التعيينات في الوزارة، وما جرى في مؤتمر وارسو ثم حسبت عليه وتعرض لحملة تشهير من قبل بعض المواقع الإعلامية والكتاب المحسوبين على الشرعية وأنصارها.
أعتقد أن الوزير اليماني قد حاول طوال فترة عمله استرضاء مراكز القوى وتقديم كثير من المواقف التي كان حتى قبل تعيينه وزيرا لا يقتنع بها، كالموقف من القضية الجنوبية، وهو ابن عدن التي يعرف كم عانت عدن وكم عانى الجنوب خلال العقود الثلاثة المنصرمة، لكن هذه التنازلات والمراوغات لم تشفع له عند النافذين في تلك المراكز والذين هم صناع القرار الفعليين في سلطة الشرعية، فلا هو نجح في إجراء إصلاحات في وزارته، ولا هو أرضى هؤلاءِ المتنفذين، ولا حتى أفلح في النجاح الوحيد الذي ظل يتغنى به وهو المتمثل في اتفاق راين بوو في السويد، ويبدو أنه قد تلقى تهديدات بالمحاسبة وإحالته إلى التحقيق بعد الإقالة فاستبق الإقالة بالاستقالة.
سيبحثون عن شخصية جديدة تقبل الارتهان وقد يقدمون ضمانات عديدة، وقد يقبلون بشخصية محترمة، لكن من سيأتون به سيقف أمام أحد خيارين: فإما أن ينفذ لهم ما يطلبون منه وقد يقبلونه لبعض الوقت ثم يتخلصون منه عندما يريدون، وإما أن يعمل بحرية ومهنية فيصطدم بهم عند أول خطوة يمكن أن يفكر باتخاذها لإصلاح أوضاع الوزارة وتنظيفها من الفاسدين والوصوليين وعديمي الكفاءة والصبية والمتدربين وأولاد الذوات.