انقلاب كتاب المسرحيات الفاشلين
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
على مدى أكثر من ثلاثة ايام غمرت مواقع التواصل الاجتماعي تسريبات عما يسميه المسربون "خطة المجلس الانتقالي للانقلاب على الشرعية" وتولى مهمة التسريب هذه جماعة من باعة الإشاعات المبتذلين الذين لا هواية لهم سوى ترويج الشرور وتقديم تسريباتهم بطريقة سطحية مكتظة بالتفاهة لا يستطيعون معها إخفاء استجدائهم رضى الأطراف المستعدة للدفع مقابل السفاهة والهبوط.
أحد هؤلاء قدم مسلسل تاريخي للانقلاب يستطيع صغار الأطفال أن يكتشفوا ما بداخله من تناقضات وتزوير للحقائق واستغفال للقارئ ذاته، لكن أصحاب الحياء القليل لا يهمهم أن يصدقهم الناس أو لا يصدقونهم، فالمهم رمي الكذبة، لعلها تجد مغفلاً أو بعض مغفلين يتعاطون معها.
يتحدثون عن خطة للانقلاب، وحشد وحشد مقابل، وتدخلات خارجية وتهديدات ثم يصلون إلى فشل الانقلاب "المزعوم"
لكن كل من يقرأ الحقائق من خلفياتها على الأرض يمكنه أن يستنتج أنه حتى لو وجد قادة طائشون على شاكلة من تنطبق عليهم التسريبات المريضة وفكروا بالقيام بما يسربه هؤلاء الصبية، لا يمكن أن يقدموا على مغامرة كتلك التي يروجها هواة صناعة الفتن في ظل الوضع الراهن الذي يعلم الجميع تحدياته وتعقيداته.
ولعدم اتساع الحيز يمكن التعرض للحقائق التالية لدحض مزاعم الانقلاب ومروجيه:
* يخوض الجنوب (الذي يسمونه المحافظات المحررة) معركة مصيرية على الحدود مع محافظات الشمال الشقيقة (غير المحررة) في كل من الضالع ويافع ولودر والصبيحة وبيحان، ومن يخوض المواجهة هم جنود الحزام الأمني والنخب الأمنية وألوية العمالقة والشباب المتطوعون من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، وهذه القوات الرسمية والشعبية ليس لديها من الوقت ما تسخره حتى للرد على تلك الإشاعات نظرا لأن أي انشغال في غير المعركة مع التحالف الانقلابي البغيض يمكن أن يسمح لمن خرجوا من باب الهزيمة في العام 2015م أن يعودوا من نافذة التفرغ للرد على التفاهات والتسريبات فقط في العام 2019م.
* فشلت محاولة الغزو الحوثية الثانية وتلقت الجماعات الانقلابية هزيمة ثانية لم تكن تتوقعها، وبوضوح شديد من ألحق الهزيمة بهذه العصابات هي المقاومة الجنوبية، وألوية الحزام والنخب والعمالقة الجنوبية، في حين قعدت الألوية "الموالية للشرعية" تنتظر على أحرَّ من الجمر سقوط الضالع ومن ثم سقوط الجنوب في أيدي الجماعة الانقلابية، لتتنفس الصعداء ولتتخلص من الصداع الذي تسببه لها ولقادتها القضية الجنوبية، وللتخلص من الشعور بالخزي، جراء فشل فيالقها الجرارة في مواجهة عصابات الانقلاب وإنجاز ولو ربع أو واحد من عشرة مما أنجرته المقاومة الجنوبية.
* اختراق الحوثيين والحوثية لمعسكر الشرعية ناهيك عن تماهي المصالح بين الجماعة الانقلابية واصطفاف عريض من "أنصار الشرعية" دفع هؤلاء الذين يمكن تسميتهم بالتحالف "الشنقلابي" إلى محاولة صرف الأنظار عن معركة الضالع المصيرية بكل معنى الكلمة وافتعال أكذوبة "الانقلاب " على الشرعية في عدن لجر المقاومين من الجبهات إلى عدن للتصدي لما يسمونه حشد ألوية الشرعية التي ينسبونها إلىى وزير الداخلية صاحب التجربة "المظفرة" في يناير 2018م.
* نعم لم تقدم الشرعية شيئا لمعركة الضالع سوى سرقة اسم المقاومة ونسب الانتصارات الباهرة التي حققها المقاومون الأبطال من أبناء الجنوب، ومعهم المقاومون الشعبيون من أبناء مريس وقعطبة والحشا والعود، نسب كل هذا إلى "الجيش الوطني" غير الموجود أصلاً، والذي لم يقدم ما تبقى من قادته بندقية واحدة ولا علبة ذخيرة واحدة لدعم المعركة في الضالع، بينما سلم قادته مناطق تواجدهم للحوثيين ضمن صفقة مكشوفة لم يتمموا بعدها إلَّا بين يدي المشاط في صنعاء.
* لو أن المقاومة الجنوبية، التي يمثل المجلس الانتقالي نواتها السياسية ترغب في الاستيلاء على السلطة في محافظات الجنوب لما سلمت الأرض والعاصمة والمنشآت الحكومية في العام 2015م للسلطة الشرعية برئاسة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وهو ما يدحض مقولة "الانقلاب" المزعوم.
* إن كل ما قيل هنا لا يمكن أن ينسي الجنوبيين التمسك بحقهم في تقرير مصيرهم واستعادة كيانيتهم التاريخية واختيار طريقهم المستقل بعيدا عن الوصاية والتبعية وبمنأى عن الثنائيات المقيتة التي أنتجتها حرب 1994م: ثنائيات الفرع والأصل، والغالب والمغلوب، والمنتصر والمهزوم والأغلبية والأقلية.
* وأخيراً نكرر للمرة الألف، أن الجنوبيون متمسكون باستعادة أرضهم ودولتهم وصناعة مستقبلهمم، من خلال العودة إلى نظام الدولتين الشقيقتين المتعاونتين الشريكتين شراكة ندية، ويتمسكون بالوصول إلى تسوية سياسية من خلال الحوار الثنائي الندي بين ممثلي الشعبين، وليس عن طريق الانقلابات أو ألعاب الصبية التي يتخيلها المبتدئون في كتابة مسرحيات المراهقين الفانتازية الخائبة.