الصورة ليست واضحة في تونس

في تونس يرحب بك الجميع بلطف وكرم ونبل، لكن حينما يدركون بأنك يمني يأخذ الترحيب طابع الحفاوة فوق الكبيرة، وبلكنة تونسية محببة وسريعة الإيقاع يقولون لك: انتم أصل العرب، ولهذا ستظل تونس ذلك الاستثناء الجميل فيما يتعلق بالنظرة التقديرية لليمن.

في تونس وعلى الرغم من حضور الأزمة اليمنية بكل ابعادها السياسية والعسكرية والانسانية والاقتصادية، إلا أن هنالك قصورا ملحوظا في فهم حقيقة الحرب الدائرة في اليمن، ليس لدى عامة الناس فحسب بل حتى لدى الإعلاميين والحقوقيين والنخب المثقفة.

يفتش التوانسة كثيرا في الملف الانساني اليمني وعلى ضوء أرقام القتلى من الأطفال والمدنيين والمرضى والجائعين تتشكل مواقفهم ضد قطب من اقطاب تلك الحرب.

يسميه التوانسة غطرسة وهكذا يفسرون طبيعة الحرب في اليمن، هذه المصطلحات ترددت كثيرا أثناء نقاشات دارت بيني وبين أناس من العامة، يقول سائق الأجرة الذي ينقل مذياع سيارته اخبارا عن قناة المسيرة الحوثية: نحن لا نحب الغطرسة ويضيف: الشعب اليمني مظلوم، ويتوسل آخر الله بأن ينتقم ممن دمر اليمن واستقوى عليها، وهكذا تجد مواقف التوانسة مما يحدث في اليمن.

هم يتصورون بأن الصراع بين اليمن والسعودية، ولهذا هم متعاطفون مع اليمن غير مدركين بأن السعودية تدخلت بطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي لوقف المد الإيراني في المنطقة العربية عامة، واليمن خاصة.

هم لا يعلمون بأن معركة اليمنيين مع الحوثيين ليست معركة ايدلوجية أو سياسية، بل معركة وجودية اصبغها الحوثيون بالدم والعرق والسلالة، ذلك أن الحوثيين لا يمكن أن يسمحوا لغير المنتمين لفاطمة بالعيش حتى كمواطنين من الدرجة العشرين وهناك ثائر عمره ١٤٠٠ سنة ما يزال يغذي أفكارهم ويرسم خارطة حقدهم الدفين على اليمن كل اليمن.. اليمن الذي يرفض العبودية وثقافة الحق الإلهي في الحكم، وينشد الحرية والديمقراطية والسلام والتعايش.

الصورة للأسف الشديد غير واضحة وعلى الحكومة وإعلامها ودبلوماسيها تكثيف جهودهم في اتجاه إزالة اللبس وتوضيح صورة الصراع الدائر في اليمن، ليس في تونس فحسب بل في كل الدول التي لا تعرف حقيقة الحوثيين كجماعات سلالية ترفض الآخر المختلف في الدم وتستبيح حياته ودمه وكرامته..جماعة ولدت من شعارات الموت لامريكا وإسرائيل غير أنها لا تقتل إلا اليمنيين غير المنتمين للعرق والمذهب، ولها جرائم بشعة على امتداد الجغرافية اليمنية.
جماعة تغذيها إيران بالأحقاد وتمدها بالسلاح والمال وتوجهها كطائرة مسيرة لضرب النسيج الإجتماعي والديني في اليمن.