كرة النار في مرمى «الجنوب» !

* ليس من السياسة أو الحكمة في شيء أن تنجر الأغلبية الجنوبية نحو صدام كيدي بإرادة من قلة سياسية تسعى لجر الجنوب إلى ميدان فتنة لا يعرف مداها سوى الله.
* كما لو أن قلة باعت نفسها للشيطان تنفث في جمر ورماد رواية (البحيرة الميتة) التي تحولت بفضل أحقاد (صمويل هنتنجتون) إلى كتاب يبشر بتصادم الحضارات بين الشرق والغرب.

* تبدو الأطراف المعادية لحق عودة الجنوب إلى أهله وناسه بطرق ناعمة وكأنها تنفخ في وصايا (صدام الحضارات).
* من يتابع فلتات لسان بعض السياسيين سيدرك أن تلك الأطراف تسعى إلى نشر الفوضى الخلاقة بين الناس، واصطناع كراهية تعمق التوتر، سعياً لإعادة أنتاج وجبات الاقتتال بين الجنوبيين.

* قد يرى بعض العقلاء أن الكيانات الجنوبية لن تنجر إلى مستنقع مواجهات مفتعلة ومكشوفة من قبل تجار شعار (الوحدة أو الموت)، لكن عندما تتأمل في الفوارق الثقافية والتعلمية التي تعصف بجيل اليوم، لابد أن تؤخذ تلك الافتعالات على مأخذ الجد.
* تعكف القوى السياسية التقليدية (القبلية والجهوية) على رسم الكثير من سيناريوهات الوقيعة بين الجنوبيين، حتى لو اضطروا في سبيل خلق البلبلة بين الجنوبيين إلى ردم بحر من التاريخ الإنساني.

* ولأن بؤر التوتر بدأت تكبر على مسرح الأحدث في الجنوب، فلا بأس من إغلاق الأبواب والنوافذ أمام من يرسلون الفتنة الطائرة والكراهية الزاحفة، من خلال توعية تجنّب الجنوبيين ما حصل في صدور أولاد الأبالسة.
* قد لا يعلم بعض الجنوبيين ممن انخرطوا في رسم سيناريو التصادم أنهم سيكتوون بنار أي مواجهة لا قدر الله، وقديماً قالوا: إذا رأيت النار قد شبت في بيت جارك، فسارع بجلب الماء إلى دارك.

* ومن يلقي بكرة النار إلى ملعب الجنوب يراهن على التهليل والتطبيل لحرب أهلية جنوبية، وأي جهة أو كيان ينجر لتلك المواجهة الدامية لن يربح شعباً ثائراً، لأن هذا الشعب لا يتأثر بالادعاء الأجوف ولا بهطرقات السياسيين الباحثين عن جنازة يشبعون فيها لطماً.
* لست هنا أطالب الجنوبيين بتكتيف الأيدي والاستمتاع بمن ينفخون في كير الفتنة المستيقظة، على العكس يجب تحصين الجنوب من الداخل بالمزيد من التماسك والتلاحم، ثم مواصلة السيطرة الناعمة على الأرض، فهذا هو السبيل الوحيد لخنق الفتنة ووأد من يروج أو ينفخ في رماد ماضيها.

* من الأولويات المطروحة على طاولات كل المكونات الجنوبية الفاعلة منها والخاملة، تطوير الخطاب الإعلامي الجنوبي، نريد خطاباً متوازناً غير منفعل، يساهم في تقليص عدد الحمقى والمغفلين ممن يهرفون بما لا يعرفون.
* ولكي يسد الجنوبيون بوابة إبليس أمام شياطين العهر السياسي، حريّ بكل المكونات الجنوبية تبني خطاب لا يدغدغ الإحساس الشعبي المرهف بالوعود العرقوبية، ولكن خطاباً واثق الخطوة يوجّه إنذاراً صريحاً لكل من يلعب بالنار في الجنوب.

* غير مستحب أن يخوض الجنوبيون لعبة تخوين الآخر، وخطأ أن تحاكم نوايا الطرف الآخر، مهما كانت درجة الخلاف معه، ولعل توقيع ميثاق شرف أمام الشعب وفي ساحات الحراك علاج ناجع يضع كل مكون في موقعه الحقيقي أمام الشعب، ويفوت الفرصة على أحزاب انتهازية تخطط لأمر مشين دبر بليل، استعداداً لركل كرة (التصادم) إلى ملعب الجنوب المحتقن.!​