الحوثيون وثورة الإنترنت.. المليشيات تتراجع أمام شرارة الانتفاضة
لا يزال يُمثّل "الإنترنت" عنوانًا للمخاوف الحوثية من اندلاع هبّة شعبية ضد المليشيات، بعدما حاولت المليشيات استهداف الشبكات من أجل قطع سُبل التواصل بين السكان، منعًا لأي احتجاجات مُنظمة قد تندلع ضدها.
الساعات الماضية شهدت تراجعًا من المليشيات عن قرارها الذي تضمّن مصادرة شبكات الاتصالات، ورفع أسعار الإنترنت، وذلك عقب دخول أصحاب الشبكات والنشطاء في إضراب واسع لمقاطعة الإنترنت.
ونشرت وكالة "سبأ" التابعة لمليشيا الحوثي، معلومات حول صدور توجيه للقيادي محمد الحوثي عضو ما يسمى "المجلس السياسي"، بشأن إعادة العمل بالتعرفة السعرية المعمول بها سابقًا بين حكومتهم "غير المعترف بها" وملاك الشبكات اللاسلكية خلال 15 يومًا.
وتضمَّن التوجيه الجديد، إعادة ما صودر من أجهزة الواي فاي الخاصة بتوزيع الإنترنت، وعدم مصادرة هذه الأجهزة.
وكانت وزارة الاتصالات التابعة لحكومة المليشيات "غير المُعترف بها" قد أطلقت قبل أسابيع، حملةً واسعةً لإزالة شبكات الواي فاي الخاصة بالإنترنت في عددٍ من المناطق خارج صنعاء.
وبررت وزارة الاتصالات الحوثية ما تقوم به بأنّ هذه الشبكات غير قانونية وخطيرة على خدمة الإنترنت والاتصالات.
وتزامنت التحرُّكات الحوثية مع إعلان أصدره معهد الاتصالات التابع لذات الوزارة بتركيب وتشغيل شبكات الواي فاي أو ما يعرف بشبكة "الكروت"، حيث اعتبر الإعلان أنَّ مثل هذه الشبكات تساعد أصحابها على اكتساب مهنة جديدة.
وردًا على ذلك، دخل الآلاف من ملاك شبكات الإنترنت والناشطين الحقوقين في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، في إضراب مفتوح وإطفاء جميع الشبكات ومقاطعة استخدام الإنترنت؛ احتجاجًا على تعسفات مليشيا الحوثي ضد ملاك شبكات الإنترنت, ورفع أسعار الخدمة.
وبدأ الإضراب أمس الأول الاثنين، وقد علم "المشهد العربي" من مصدر بحملة المقاطعة، أنّ الإضراب سيستمر حتى تحقيق مطالبهم بإيقاف التعسفات، وإعادة الأجهزة المنهوبة من أصحاب الشبكات، والتراجع عن قرار رفع أسعار خدمة الإنترنت.
بعد ذلك، هدّد وزير الاتصالات في حكومة الحوثيين غير المعترف بها مسفر النمير, النائب البرلماني أحمد سيف حاشد على خلفية الحملة التي يتبناها الأخير ضد الإجراءات التي تقوم بها وزارة الاتصالات التابعة للحوثيين، بمصادرة أجهزة شكبات الإنترنت.
وبحسب مصدر حقوقي تحدَّث لـ"المشهد العربي"، فقد بعث الوزير الحوثي برسالة إلى حاشد يهدده فيها باستخدام القوة ضده ويتهمه بالسُكر.
وكان حاشد قد تبنى حملة ترفض رفع أسعار الإنترنت، والإجراءات التي تقوم بها وزارة الاتصالات التابعة للحوثيين من مصادرة أجهزة شبكات الإنترنت بشكل مُخالف للقانون أو حتى صدور حكم قضائي بذلك.
وفي خطوة حوثية تصعيدية، اختطفت المليشيات، يوم الثلاثاء, رئيس نقابة شبكات الإنترنت أحمد العليمي وأمين عام النقابة أحمد البدوي.
وقال مصدر حقوقي لـ"المشهد العربي"، إنَ الاستخبارات الحوثية اعتقلت القياديين في نقابة شبكات الإنترنت بعد دعوات الإضراب لمقاطعة الإنترنت وإغلاق شبكات الإنترنت، والصدى الواسع للحملة والتجاوب الكبير معها.
وجاء الاعتقال بعد اجتماع عقدته قيادة نقابة شبكات الإنترنت مع القيادي الحوثي محمد علي الحوثي عضو ما يسمى المجلس السياسي الأعلى والقيادي الحوثي أحمد حامد المعين من المليشيات مديرًا لمكتب رئاسة الجمهورية بصنعاء, وتم الاتفاق على وضع معالجات وإيقاف الحملة التي تقوم بها وزارة الاتصالات الحوثية في مصادرة أجهزة الشبكات.
وبعد خروج العليمي والبدوي من الاجتماع عقب التوصل للاتفاق، فوجئ الاثنان باعتقالهما واقتيادهما إلى الاستخبارات العسكرية التابعة للحوثيين.
كل هذه المواجهات تأتي في وقتٍ يكثر فيه الحديث عن انتفاضة شعبية تندلع ضد المليشيات الحوثية، إزاء الأضرار البالغة التي طالت السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بسبب جرائم المليشيات.
وبات كثيرٌ من المحللين ينتقدون ما يقولون إنّه "تأخُّر" أهالي صنعاء في الانتفاض على الحوثيين، بعد الأهوال التي يعانيها السكان من أزمات إنسانية وحياتية شديدة الفداحة، أصبحت هي الأكثر مأساوية في العالم، حسبما تقول أرقام الأمم المتحدة.