الإعلام (الأسود)

لا يستطيع احدنا الانكار ان قناة الجزيرة القطرية كانت ريادية في صناعة مفهوم خارج المألوف في الاعلام العربي بانتهاجها ما يمكن تسميته حرية الاعلام مستفيدة من طاقات كوكبة من الاعلاميين المحترفين الذين تمرسوا في قنوات الاعلام العالمية حيث حق المشاهد في الحصول على المعلومة يرقى الى مستوى التقديس او حق من حقوق الانسان على اقل تقدير.

لكن دوام الحال من المحال كما يقولون، فلم تلبث الجزيرة كثيرا حتى عادت الى قناة حكومية تخدم اهداف من ينفق عليها واصبحت مجرد هراوة اعلامية لم يعد الانسان الناطق بالعربية ضمن اهتماماتها بقدر اهتمامها بوجهة نظر (حكامها) وهكذا رايناها (مثلا) ترى بضعة افراد يسيرون في حارة من حواري اي مدينة من المدن المصرية ولم ترى ملايين 30 يونيو الذين خرجوا ضد حكم الاخوان المسلمين في مصر.

على طريقة افلام الرعب اتحفتنا قناة الجزيرة في حلقة من برنامجها (الصندوق الاسود) بعنوان كيد الاشقاء وهو شئ اقرب الى الصناعة السينمائية منه الى الاعلام.. شئ يذكرنا بالانتاج الاعلامي للتنظيمات المتطرفة التي تقترب من مفهوم (الصدمة والرعب) حاولت خلاله ان تقنعنا بوجهة نظر ام او اخت او سجين سابق، ولم تلتفت الى ضحايا الارهاب، وكأننا بها تقول ان هؤلاء الضحايا سقطوا بأيدي اشباح وليس ببنادق وكاتمات صوت تحملها اياد ادمية، وكل ذلك لتبحث عن ادانة لدولة الامارات خصوصا ودول التحالف هموما، ردا على مقاطعتهم لدولة قطر المتهمة بدعم الارهاب وبالتدخل في شؤون جيرانها.

لم تعد تهم المشاهد العربي قناة تزور وقائع يعيشها هذا المشاهد على الارض يوم بيوم ولحظة بلحظة، فبمجرد ان يسمع هذا المشاهد خبرا مكذوبا تنقله قناة الجزيرة فأن النتيجة بالنسبة للمشاهد هي سقوط مصداقية القناة وهكذا تهوي القناة من وسيلة تنوير المشاهد بالحقائق الى التعمية على الحقيقة تصبح معها جديرة بصفة (الإعلام الاسود).

واقع الحال ان هذه قناتهم وتمول بفلوسهم وهم احرار يشيطنوها او يألهوها يدعون حريتها او يوظفوها.. على ان المؤسف حقا ان تتحول هامات اعلامية كان لها في وجدان المواطن العربي مكانة كبيرة اعتقدنا معها اننا اصبحنا في زمن الاعلام المحترف الذي يخدم الحقيقة ولا يزيف وعي المشاهد، بذلكم العدد الكبير من الفنيين في مختلف تخصصات الصناعة الاعلامية من مختلف الدول .. المؤسف كثيرا ان تصبح كل هذه الكوكبة عبارة عن مجرد (اراجوزات) يصنعون الخداع.