نوايا الإخوان الخبيثة.. لماذا نشَّطت مليشيا الشرعية جبهة نهم؟
على مدار الأيام الماضية، فرضت جبهة نهم نفسها في صدارة الأحداث، بعدما سيطرت عليها المليشيات الحوثية بعد انسحاب قوات الشرعية التي ينتمي أغلبها إلى حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي.
تسليم الإخوان جبهة نهم للحوثيين أمرٌ ليس بالجديد، فكثيرًا ما أقدمت المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية على مثل هذه الطعنات الغادرة التي تمثل خيانة واضحة وصريحة للتحالف العربي الذي تكبَّد من وراء ذلك تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا.
ففي وقت سابق، سلّمت المليشيات الإخوانية التابعة للشرعية جبتهي دمت ومريس إلى المليشيات الحوثية، في طعنات لم تقل غدرًا عن جبهة نهم.
ولعل الجريمة الأكبر التي افتُضح أمرها قد وردت على لسان القيادي الحوثي محمد البخيتي الذي اعترف بوجود صفقات بين الإخوان والحوثيين في جبهة نهم على مدار الأيام الماضية، ما برهن على هذه العلاقات سيئة السمعة التي تجمع بين الفصيلين.
وفي معرض تحليله لمجريات الأمور، رفض المحلل السياسي أحمد الربيزي اعتبار سقوط نهم في أيدي مليشيا الحوثي مفاجأة، مذكرًا بتسليم قوات الشرعية دمت ومريس إلى الحوثي.
وقال في سلسلة تغريدات نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "حين كانت القوات الجنوبية في الضالع تواجه الحوثي وإيران، كنا نعلم أن مليشيات محسن وجماعة الإخوان في جبهات الشمال تعيش حالة هدنة مع الحوثي".
وأضاف: "كان عرسان جبهة نهم يرقصون بأفراح الزواجات الجماعية المدعومة"، في إشارة إلى الهدوء المتعمد على امتداد جبهات الشرعية مع مليشيا الحوثي للسماح للأخيرة بالتوغل في الجنوب، وتابع: "لم نستغرب ابتهاجهم، بمحنتنا، فقد خبرناهم يسلموا مواقعهم للحوثي في دمت ومريس".
واعتبر تسليم دمت ومريس، دليلًا على هدنة غير معلنة بين الطرفين، قائلًا: "حينها لم يخفى علينا تفاهمات (إخوان اليمن) مع الحوثيين، بعقد (هدنة غير معلنة)، حتى قبل ان يصرح بها "البخيتي".
ولفت الربيزي إلى نوايا تنظيم الإخوان الإرهابي للقفز على السلطة منفردًا في اليمن، عبر بوابة التسويات، بقوله: "ندرك أنهم يراهنوا على أي تسوية قادمة مع الحوثي سيمروا إلى السلطة عبر سيطرتهم على قرار الشرعية".
واستطرد: "رهانهم على اختطاف الشرعية لم يعد ذي أهمية بعد اتفاق الرياض"، مؤكّدًا أنّ الاتفاق أزاحهم من المشهد السياسي وسيحد من نفوذهم عند تطبيق بنوده وملحقياته، وتابع: "بحث (إخوان اليمن) عن أي ورقة ستعيد لهم الوهج الإعلامي والسياسي".
وأشار إلى أنّ التنظيم المدعوم من قطر وتركيا، وجد ضالته في جبهة نهم، موضحا أنه كان الخيار الصعب يكمن في العودة إلى إحياء (جبهة نهم) الخاملة، لعله يصيبهم أحدى خيارات، النصر أو الانسحاب إلى شبوة.
ونوه بأنّ خطة جناح الإخوان في حكومة الشرعية، تعاملت مع ثلاثة فرضيات، أولها أن يحققوا اختراقًا وتقدمًا نحو صنعاء فبذلك يعاد لهم رونقهم وحظوتهم لدى الأشقاء في السعودية التي فقدوا مصداقيتهم عندها، وقال إن الخيار الثاني إن فشلوا في أي تقدم وراوحوا مكانهم ودافعوا عن مأرب فقد ضمنوا بقاء دعم التحالف.
وعن الاحتمال الأخير، فقال: "إن انهزموا وسقطت مأرب فسينسحبوا إلى شبوة ليخلطوا الأوراق، ويفشلوا اتفاق الرياض".
وفي الوقت الذي يدعي فيه حزب الإصلاح الوقوف إلى جانب التحالف العربي في معركته ضد المشروع الحوثي - الإيراني، فإنّ الحزب الإخواني المخترق لحكومة الشرعية يملك علاقات نافذة مع المليشيات الموالية لطهران.
واعترف وزير الدفاع اليمني محمد علي المقدشي بانسحاب قواته من جبهة نهم، لكنّه زعم أنّ الانسحاب كان لأهداف تكتيكية لبعض الوحدات العسكرية من بعض المواقع.
وأضاف خلال اجتماع لقيادات بقوات الشرعية في محافظة مأرب، أنّه يجرى حاليًّا إعادة ترتيب للقوات المنسحبة لعودتها إلى أداء مهامها وواجباتها القتالية.
اللافت أنّ انسحاب الشرعية من نهم جاء بعد أيام من ترديد نغمات مغايرة من قِبل أبواق إعلامية إخوانية ادعت أنّ قواتها استطاعت تحقيق تقدم على الحوثيين، إلا أنّ ذلك كان على ما يبدو خطة من قِبل الشرعية، للتغطية على فشلها العسكري الهائل الذي تجلّى في الهجوم على أحد المعسكرات في محافظة مأرب الذي خلَّف مئات الشهداء والجرحى.
ونجحت المليشيات الإخوانية في تحريف بوصلة الحرب على الحوثيين، وأصبحت وجهتها صوب الجنوب وعاصمته عدن، وهو ما كبّد التحالف العربي تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا، وإطالة أمد الحرب إلى الوقت الراهن.
الفضيحة الأكبر لعلاقات الحوثيين والشرعية كُشف النقاب عنها مؤخرًا، تتمثل في تمويل جلال نجل الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي لقناة تلفزيونية تابعة للمليشيات الحوثية.
واعترفت قيادات في مليشيا الحوثي الإرهابية في صنعاء، بأنّ "جلال" يُموِّل قناة الهوية التابعة للقيادي الحوثي محمد العماد, وذلك في معرض ردهم على اعتراض قيادات في حزب المؤتمر بصنعاء على ما تبثه القناة من مواد تحريضية ضد الحزب.
وعلم "المشهد العربي" من مصدر في صنعاء أنّ الحزب أبلغ مليشيا الحوثي اعتراضه على حملة التحريض الإعلامية التي تشنها القناة الموالية للمليشيات، بعد اتهامها لقيادات المؤتمر بالمسؤولية عن الفساد في حكومة الحوثي غير المعترف بها.