هل التحالف مازال في حاجة .. للرئيس هادي ؟

أعتقد بأن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية قد تجاوز مرحلة شرعية تواجده بقرار من الرئيس الشرعي هادي , عانى التحالف كثيرآ من الرئيس هادي بسبب إفتقاره لمؤهلات الزعيم أو القائد أو كرئيس جمهورية , ولم يكن يمتلك الثقل السياسي أو العسكري أو الحزبي أيضآ , مما أضطره للتحالف مع حزب الإصلاح الذي سيطر على قراراته وتحركاته بصورة كارثية .

البعض يظن بأن التحالف مسيطر على الرئيس هادي وقراراته بصورة كلية وهذا خطأ فادح قد يقع فيه كثير من عامة الشعب وبعض المثقفين للأسف الشديد والدليل على ذلك إنشاء اللجنة الثلاثية العليا من اليمن والسعودية والإمارات لتفادي قرارات هادي الكارثية كعادته , شرعية الحرب الدائرة كانت بطلب من الرئيس الشرعي وهذه هي ورقة الابتزاز الوحيدة التي كانت يبتز بها دول التحالف , ولأن هدفها كان أكبر بكثير من أن تفرط بتحالفها مع الرئيس هادي كانت تغض الطرف خشية من تمرد هادي عليها وإحراجها وإفشال حربها , كان بإستطاعة الرئيس هادي اللجوء لأي سفارة أجنبية حتى بالرياض  ويطالب دول التحالف بإيقاف الحرب ومغادرة الأراضي اليمنية وكانت تعلم بذلك الخيار .

 هدف التحالف كان  القضاء على مليشيات الحوثي الإيرانية بالدرجة الأولى , أما مليشيات عفاش فلم تكن لها أي أطماع خارج الحدود اليمنية ولن تشكل أي خطر على الأمن القومي لتلك الدول وكان هدفها من التحالف مع أنصار الحوثي عسكريا هو للوصول لمكاسب سياسية من الدرجة الأولى  , الدليل هو إستمرار إطلاق الصواريخ البالستية بعد إغتيال الرئيس السابق عفاش حتى يومنا هذا .

الان وبعد تحرير جميع أراضي جنوب اليمن وكذلك مأرب , وتعز التي مازالت في دوامة الحرب   , أصبح الرئيس هادي  وحزب الاصلاح بحاجة  ماسة للتحالف العربي وليس العكس , خروج التحالف العربي من اليمن بهذا التوقيت وبهذا الوضع القائم سيصب في مصلحة إنفصال الجنوب وتربع مليشيات أنصار الحوثي على الشمال كأمر واقع , ولن تهدد مليشيات الحوثي الحدود السعودية مرة أخرى بعدما رأت الرد العسكري المدمر من قبل دول التحالف العربي .

يجب أن لا ننسى المبادرة السابقة  لوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما والتي أطلق عليها مبادرة جون كيري التي أعلنت في مسقط بسلطنة عمان والتي تجاهلت وتجاوزت الرئيس هادي بالإتفاق مع السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا , تم إعطاء فرصة أخيرة للرئيس هادي لكي يكون جزء من الحل بالتسوية السياسية القادمة  , ولكن الرئيس هادي كعادته مازال يمارس عاداته القديمة بالمرواغة والابتزاز السياسي من أجل إستمراره بالسلطة   .

الكل يعلم بفساد الحكومة الشرعية , وتصريح  نائب الرئيس السابق البحاح حول الكشوفات الوهمية للجيش الوطني والتي بلغت أكثر من 400 ألف فرد , تلك القوات كانت كافية لهزيمة المليشيات بشهر واحد لو كانت قوات حقيقية على الأرض  وتمتلك إرادة وطنية  .

صبر التحالف على ذلك الابتزاز الرخيص من أجل الحفاظ على الهدف الأكبر وهو الحفاظ على أمنهم القومي من المد الإيراني  , ولو أوقف التحالف تلك الأموال لأنظمت تلك القوات الوطنية للميشيات في اليوم الثاني , صبر التحالف على مسرحية حرب التباب ومسلسل صرواح ونهم المكسيكي الذي لا نهاية له , صبر التحالف على قرارات هادي التي كادت أن تفجر الوضع عسكريا بجنوب اليمن عندما أقال اللواء الزبيدي محافظ عدن وتلته قرارات بإقالة بن بريك المحافظ والوزير ومحافظي شبوة و سقطرى وأستثنى الرئيس هادي الفاسدين و الفاشلين من قرارات الإقالة  , صبر التحالف على رئيس الوزراء  بن دغر الذي كاد أن يفجر الوضع عسكريا بعدن من أجل رفع علم الجمهورية اليمنية ولولا تدخل قائد التحالف بعدن لذهبنا في خبر كان .

شرعية لم تكن عند مستوى المسؤولية  الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها ودول التحالف العربي , الان  وبعد تصريح الرئيس هادي بأن العملية السياسية إنتهت باغتيال الرئيس السابق عفاش وبأن العمل العسكري هو الحل الوحيد , هل سنرى إحياء لمبادرة كيري مرة أخرى , وخصوصا بعد تصريح السفير الروسي والذي يعد الاول من نوعه بعد مغادرته صنعاء بضرورة تسليم السلاح من قبل مليشيات أنصار الحوثي  , وكذلك التصريح الأمريكي الجديد بضرورة إستئناف الحوار للوصول لتسوية سياسية ووقف الحرب باليمن  , ذلك التصريحان كانا ردا قاسيا ومباشرا على تصريح الرئيس هادي الذي أراد إستمرار الحرب إلى مالا نهاية من أجل الحفاظ على كرسي الرئاسة لأطول فترة ممكنة .

إن رفض مؤتمر جناح عفاش الإنضمام للشرعية برئاسة هادي سبب نكسة وإحباط كبيرين له , فجناح عفاش هو الأقوى على الساحة والأكثر عددا والأكبر تنظيما من جناح هادي , وما دعوة الرئيس هادي الاخيرة لأحمد علي عبدالله صالح والذي قال فيها ( أنت منا ونحن منك وعفى الله عما سلف ) إلا دعوة إستجداء وضعف واضح للعيان  .

إن لم يتحرك الجيش الوطني لتحرير صنعاء وهذه هي  فرصته الاخيرة  سيصبح لا مكان له في اليمن بالمستقبل القريب , وهل سيتم دعم العميد طارق محمد عبدالله صالح بالسلاح و العتاد , وسيقوم ببناء معسكر سيطلق عليه معسكر الشهيد الرئيس علي عبدالله صالح , وسيتم إستدعاء جميع ضباط وأفراد الحرس الجمهوري من عموم محافظات الجمهورية للالتحاق بالمعسكر  , وهل ستسند تلك المهمة لقوات طارق المدربة و المؤهلة عسكريا للقيام بتلك المهمة , وهل سيستثنى الجيش الوطني المتخاذل  من تلك المهمة التي كلفت التحالف العشرات من المليارات السعودية ولم تحرز  أي تقدم عسكري ملموس  .

لم يعد للمليشيات الحوثية التي تعاني من حالة الإنكسار و الهزيمة والإحباط بعد مقتل عفاش من خيار غير التسريع بعملية الحوار مع الأطراف الأخرى لتفادي معركة تحرير صنعاء , التي لو أندلعت ستفقد مليشيات الحوثي ورقتها السياسية الأخيرة  , وستعود عبارة عن مليشيات مسلحة خارجة عن القانون وسيصدر بحقها قرار أممي يصنفها كجماعة إرهابية وينهي بذلك حياتها السياسية و الحزبية .