همس اليراع
فزاعة الانقلاب
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
استعذب الكتبة والسياسيون "الشرعيون" المحبطون مفردة "انقلاب" لاستخدامها كفزاعة في وجه كل صاحب حق يشكو ظلما أو يبحث عن إنصاف من ظالميه، حتى صارت مطالبة الموظفين الحكوميين المدنيين والعسكريين والأمنيين بمرتباتهم المتوقفة منذ عدة أشهر (وبعضهم منذ سنوات) تمثل انقلاباً عسكرياً على "الشرعية"، وغدت مفردة "الشرعية" محط سخرية أصحاب الحس الفكاهي، وحتى من ليس لديه حسَّا فكاهياً.
منذ أيام نشر أحد المواقع المدعومة من خاطفي " الشرعية" والمستثمرين فيها، ممن يتوزعون بين أنقرة والدوحة والرياض وعمَّان، خبراً بعنوان "محافظ حضرموت ينقلب على الشرعية" لا لشيء إلا لأنه طالب الحكومة الشرعية بتسديد نفقات بعض المشاريع التي نفذت في محافظة حضرموت ، واتخذ قراراً بوقف تسويق القات في مدن ومديريات المحافظة.
ويتذكر الجميع أن السبب الرئيسي للغضب الشعبي في الجنوب هو سياسات التعذيب الممنهج المتبع مع المواطنين الجنوبيين منذ 2015م وهو امتداد لسياسات ما بعد 7/7/ 1994م، في ما يخص خدمات الكهرباء والمياه والنظافة والتطبيب والتعليم والأمن والعدل والقضاء، وكل تلك أمور تتعلق بوظائف السلطة الرسمية "الشرعية" وقد جرت العادة أن كل من يرفع مطلباً من هذه المطالب تتم مواجهته بفزاعة "الانقلاب"، حتى أصبحت مفردة "انقلاب" على درجة من الابتذال وغدا من الصعب التمييز بين مفردتي "الشرعية" و"الانقلاب" وما يشتق عنهما من الصفات والنعوت والأحوال، إلا من خلال رمزية الشخوص الذين تعبر عنهم، وصار لدينا انقلابيون في صنعاء وأخرون في الرياض واسطنبول والقاهرة وغيرها من المدن والعواصم.
في الاسبوع الأخير وبعد قرارات المجلس الانتقالي الجنوبي الهادفة رفع المعاناة عن المواطنين الجنوبيين بتسخير ما يسرقه لصوص "الشرعية" لرفع المعاناة عنهم، ارتفع صوت العويل والنواح الذي يخوف الناس من دهياء "الانقلاب" على "الشرعية"، وكأن قائلهم بقول: الجنوبيون يطالبون بالماء والكهرباء ويشكون من الفيضانات والوباء والمجاعة والفساد، إنهم ينوون الانقلاب على "الشرعية".
وهو ما يعني أن لا شرعية إلآ بالمرض والجوع والوباء والكوارث والقمع والتنكيل والتجويع والفساد والتعذيب الممنهج وأن المطالبة بإزالة من هذه الكوارث هو انقلاب على "الشرعية".
لقد اتضح أن بعض "الشرعيين" لديه كامل الاستعداد للتخلي عن الأرض والعرض والسيادة والكرامة وعواصم المحافظات والمديريات والمعسكرات والأسلحة المقدمة من دول التحالف ، ولكن على شرط عدم المساس بــ"الزلط" فهي عند هؤلاء والوطن والعرض والشعب والعزة والكرامة وكل مرادفاتها ولذلك رأينا كيف جن جنونهم وتعالى نواحهم عندما عرفوا أن هدف قرارات المجلس الانتقالي هو إعادة الحقوق المنهوبة لأصحابها وتسخير موارد الجنوب للتخفيف من معاناة أبناء الجنوب، بعد أن ظلوا يتحكمون فيها منذ صبيحة 7/7/1994م.