الشرعية تفقد بوصلة الحرب والسلام أيضًا
رأي المشهد العربي
فقدت الشرعية بوصلة الحرب منذ أن أقدمت على توجيه سلاحها باتجاه الجنوب بدلًا من مجابهة المليشيات الحوثية الإرهابية التي سيطرت على أغلب محافظات الشمال، كما أنها فقدت بوصلة السلام برفضها جميع المبادرات العربية والأممية وبدا واضحًا أن قرارها ليس بيدها وأن تعدد الأجندات داخلها يضعها في مأزق صعب لا تجد سبيلًا للخروج منه سوى أنها ترفض جميع ما يُقدم إليها.
فقدان بوصلة الحرب ظهر جليًا في رفض الشرعية تنفيذ اتفاق الرياض الذي وقعت عليه مرغمة في شهر نوفمبر الماضي غير أنها عطلت تنفيذه لأهداف إقليمية ترتبط بالدعم القطري التركي الذي تتلقاه، وكذلك فإنها رفضت أيضًا مسودة السلام الجديدة التي تقدم بها المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى جميع أطراف الأزمة اليمنية، مطلع الشهر الجاري.
بررت الشرعية الإخوانية رفضها للمسودة بدعوى انتقاصها من سيادتها، في حين أنها تخلت عن غالبية الجبهات الإستراتيجية على مدار ست سنوات إلى مليشيا الحوثي، ومهدت الأسباب لإطالة أمد الحرب، على أمل استمرار المكاسب السياسية والاستراتيجية لتنظيم الإخوان الإرهابي ومليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا.
تخطط الشرعية إلى إعادة ترتيب صفوفها بدعم قطري وتركي نظرًا لانهيارها العسكري في الوقت الحالي، وبالتالي فإن رفضها لا يتعلق برفض السلام مع الحوثي، إنما وقف إطلاق النار في الجنوب، لاستمرار نهب ثرواته.
لا تضع الشرعية في حسبانها الأوضاع الإنسانية المتردية ومطالبات المنظمات الدولية المتعددة بضرورة وقف الحرب في أقرب فرصة لمنع إزهاق مزيد من الأرواح البريئة، بل تبحث عن تحقيق أهداف جماعة الإخوان الإرهابية التي سوف تخرج خاسرة بعد أن فقدت ثقلها السياسي والعسكري.
بَنَتْ الشرعية خططتها المستقبلية على التعاون مع المليشيات الحوثية في وجه الجنوب، ووضعت في تقديرها أن اختراق الجنوب لن يكون أمرًا صعبًا بالنسبة لها غير أنها اصطدمت بقوة عسكرية على الأرض أفشلت جميع مخططاتها، ما اضطر تيار قطر داخلها لطلب العون الخارجي بشكل علني لإنقاذ الشرعية من المستنقع الذي غرقت به في الجنوب.
وفي المقابل فإنه لا يمكن الفصل بين رفض الشرعية لمسودة السلام وبين علاقتها التي أضحت مفضوحة مع المليشيات الحوثية، لأنها بذلك تقدم للعناصر المدعومة من إيران هدية من ذهب وسيجد الحوثي مبررًا لاستمرار جرائمه الإرهابية داخل الحدود وخارجها، وسوف يُلقي بجميع الحجج في سلة الشرعية.
بالطبع يسهم التقارب الإيراني التركي القطري في موقف الشرعية الحالي من السلام لأنه يخفف كثيرًا من الضغوطات التي تمارسها أطراف دولية على طهران من أجل دفع الحوثي للجنوح إلى السلام، وهو ما يتطلب معالجة جديدة للسلام في اليمن يضع فيها المجتمع الدولي الحوثي والشرعية في كفة واحدة وليس في كفتين متقابلتين.