كروت اللعب السياسي

إعلان الإدارة الذاتية المعلن عنها من طرف المجلس الانتقالي الجنوبي،، كان هو كرت الضغط السياسي المطلوب لمواجهة كرت الحكومة المعطل لتنفيذ اتفاق الرياض بنسخته الأولى وإيقافهم الخدمات المدنية وقطع مرتبات السلك العسكري في عدن من قبل الحكومة التي كان يسيطر عليها وعلى قراراتها منفردا حزب الاصلاح ومن لف لفهم دون غيرهم والتي هي الآن في طريقها إلى الزوال كحكومة بعد التوقيع الاخير على آلية تسريع تنفيذ الاتفاق .

وسواء اتفقت او اختلفت مع المجلس الانتقالي الا ان مسألة التخلي عن ذلك الكرت الذي ناور به سياسياً المجلس الانتقالي على طاولة اللعبة السياسية بأقتدار وحنكة هو امر منطقي وعقلاني مقابل أن يجني نتائج سياسية واقعية تمكنه من الإمساك بزمام السلطة التنفيذية ممثلة بمحافظ العاصمة عدن ومعها كذلك زمام السلطات الأمنية ممثلة بمدير الامن والذين سماهم الانتقالي وهم اصلاً من داخل الانتقالي نفسه ،،لان ذلك يعطي المجلس مساحة فعلية وحقيقية لها شكلها الرسمي والشرعي والقانوني لم تكن اصلاً متوفرة في إعلان الإدارة الذاتية نفسه ،

فلا شيء متروك للعواطف وللصدف بل كل شيء يبنى على المناورة وقوة كروتها ودهاء وصبر اللاعبين على طاولاتها والأغبياء وحدهم من لا يرون أبعادها والبلداء هم من يبتلعون طعومها ، ويقدمون كل شيء مقابل لا شيء.

ولو شبهنا مؤسسة الشرعية بأنها كانت الدار والحصن الذي يتمترس خلفه حزب الاصلاح ليدير حروبه ضد خصومه ،، فأنك تستطيع الآن ألقول بأن الانتقالي الجنوبي استطاع سياسياً أن يغزوهم في عقر دارهم واستطاع ان يقتحم أبواب حصنهم لينقل المعركة السياسية الى داخل نفس ذلك الحصن الذي كانوا يتمترسون فيه ويحاربون من فوق قلاعه، وبالتالي جعل مسافة الاشتباك السياسي معهم هي من المسافة صفر ،، لتكون وجهاً لوجه على طاولات القرار والتفاوض.

حروب السياسة لاتكسب بالمدفع والرصاص بل تعتمد نتائجها على مجمل المكتسبات والنقاط المرحلية التي يمكن لكل طرف أن يجنيها لصالح توجهاته بما يمتلكه من كروت في يده .. واظن ان الانتقالي الجنوبي قد نجح في هذه الجولة بأن يكتسح دائرتهم التي كانوا يتحصنون بها ويتحدثون من منابرها .

وسنظل نتمنى ونرجو أن تسخر كل تلك النجاحات لصالح تفعيل الخدمات المواطنين ولصالح النهوض بالعاصمة عدن وانتشالها من وضعها المزري الذي وصلت إليه.