الجنوب وحرب الأنفاس الطويلة
رأي المشهد العربي
تكشف التطورات السياسية والعسكرية القائمة على الأرض أن الحرب على الجنوب سيكون عنوانها "النفس الطويل"، بالنظر إلى حجم التحركات الميدانية الحوثية والإخوانية، في إطار التنسيق بين الجانبين.
وعلى الرغم من إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي في عديد المناسبات، التزامه الكامل باتفاق الرياض، وآخرها خلال لقاء الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس خلال لقائه مع وفد السفراء الأوروبيين، إلا أنّ الشرعية سرعان ما ردّت على ذلك بتحشيد عسكري واسع النطاق صوب محافظة أبين في خرق جديد لمسار الاتفاق.
تحاول الشرعية تطويق الجنوب من أكثر من جبهة، سواء من خلال عناصرها الإرهابية المنتشرة في شبوة أو في أبين (التي يتم التحشيد إليها بكثرة)، في محاولة لمحاصرة الجنوب والإجهاز عليه.
هذه التطورات إن كانت المتعلقة بالتحشيد صوب أبين أو تسليم المواقع والمديريات للحوثيين في شبوة، يعني أنّ الشرعية لن تتراجع عن هذه السياسات التآمرية والعدائية ضد الجنوب، تفرض على ما يبدو استعدادات من جانب آخر.
فعلى الصعيد العسكري، يُنتظر من القوات المسلحة الجنوبية أن تكون جاهزة لأي مساعٍ إخوانية حوثية للتمدد على الأرض، باعتبار أن هدف هذين العدوين هو إسقاط العاصمة عدن، في سيناريو يبدأ بتطويق كل محافظات الجنوب الأخرى.
وخيرًا فعل المجلس الانتقالي الجنوبي في عديد دعواته لاستكمال اتفاق الرياض وتأكيده حرصه الكامل على إنجاح هذا المسار المهم، وبالتالي فإنّ الجنوب ألقى الكرة إلى الملعب الآخر، وبات غير مسؤول عن أي سيناريو يمكن حدوثه في المرحلة المقبلة.
من هذا المنطلق، فإنّ إقدام الجنوب على اتخاذ الإجراءات والضمانات التي تحمي أرضه وتحفظ أمنه واستقراره أمرٌ سيكون من منطلق الدفاع عن النفس، باعتبار أنّ الجنوب طرف مجني عليه، وبالتالي لا يمكن التزام الصمت إزاء هذه التهديدات.
ولعل هذا السيناريو هو ما يمكن استنتاجه في الأساس من تصريحات وبيانات ومواقف المجلس الانتقالي، ففي الوقت الذي يؤكد حرصه الدائم على إنجاح اتفاق الرياض، فإنّه يؤكد في الوقت نفسه التزامه بالعمل على حفظ أمن الجنوب وصد التهديدات التي يتعرض لها على مدار الوقت.
يتضح ذلك في التوجيهات التي يصدرها الرئيس عيدروس الزُبيدي للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الجنوبية بأن تكون على أتم الاستعدادات لتنفيذ عمليات أمنية وعسكرية تحفظ أمن الجنوب.
على الصعيد السياسي، يُنتظر من المجلس الانتقالي أن يوسع من دائرة جهوده الدبلوماسية من أجل إطلاع المجتمع الدولي على وضع الحرب التي يتعرض لها الجنوب، بما يساهم بشكل رئيسي في تدعيم أواصر القضية الجنوبية، في إطار الكشف عن الحرب التي يتعرض لها الوطن وقضيته العادلة، وهي حرب يمكن إدراج اعتداءاتها بأنّها جرائم ضد الإنسانية.