النقابات الأردنية

في مظاهرات واحتجاجات الأردن الأخيرة على خلفية ضريبة الدخل ما يستوقف المرء.. فقد تصدرت المشهد النقابات العمالية في مؤشر على عقم الأحزاب وتآكلها وتكرار نفسها بذات الوجوه، بما لا يجعلها في تضاد مبهر مع أنظمة الحكم العربية القائمة.

وفي حالة البلد الشقيق تجري انتخابات حرة لقيادات العمل النقابي، ما أهلها أن تقود الشارع المحتج مؤخرا، دون ارتهان لحزب أو مهادنة لنظام على حساب المطالب الجماهيرية التي خرج الناس من أجلها، مثلما كان موقفها ثابتا من التطبيع مع العدو الصهيوني باعتبار ذلك من المحرمات.

واستطاعت النقابات أن تخرج من أزمة ضريبة الدخل بإسقاط حكومة وتعيين حكومة أول قرار تتخذه إلغاء قانون الضريبة المثير للجدل.
ولكنها - أي النقابات - فوتت رهان بعض القوى السياسية التي كانت على استعداد لتركب موجة الاحتجاجات وحرفها عن مقاصدها النقابية المطلبية، وتحويلها إلى فوضى هدامة، وإن ادعت أنها فوضى بناءة .. كما أنها فوتت الفرصة على العدو الإسرائيلي الذي روجت قناته الرابعة لما أسمته بالوطن البديل للفلسطينيين في الأردن، وهو المشروع القديم - الجديد، والذي يأتي هذه المرة على خلفية الموقف الصلب للملك الأردني من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية كعقاب مبطن عن طريق الاحتجاجات واللعب عليها، لتصبح تهديدا لبنيان الدولة الأردنية، وهو ما أحبطه وعي النقابات الأردنية وقواها الجماهيرية التي وعت الدروس من الربيع (العبري) الذي فتت بنيان دول عربية، لتصبح إسرائيل هي القوة المتحكمة بمصائر العرب.

إن سحب النقابات للبساط من تحت الأحزاب والتنظيمات السياسية في الأردن الشقيق قد يفتح المجال أمام مرحلة جديدة تعاد فيها صياغة الأحزاب السياسية على رؤى ديمقراطية وإنشائية جديدة، بعد أن بات صعبا أن يصلح العطار ما أفسده الدهر. وهذا ينطبق تماما على حالتنا اليمنية، مع التأكيد أن نقاباتنا ما برحت في ذات المربعات السابقة التي لا ترتقي إلى مصاف النقابات الحرة النزيهة، بالرغم من إرث تاريخي في عدن قبل الاستقلال أجهض تمدده بعد الاستقلال 1967م، وتعرض للتدجين والاختراق بعد الوحدة عام 1990م. ​