هُم ونحنُ والنزوح والعنصرية كمثال
علي ثابت القضيبي
- العمل المجتمعي التّطوعي
- المصفاة وإذا إفترضنا هذا صحيحاً !
- عودوا رتبوا بيتنا من الداخل
- المفخّخات السياسية في جنوبنا
* عالقة في الأذهان مشاهد أخوتنا السوريين وهم مُسَوّرين بالأسلاك الشائكة عند حدود دول أوربا ، فقد حُظر عليهم دخولها ، وظلّ الصّقيع ينهش في أجسادهم المنهكة وأطفالهم من طول التّرحال ، كما الجوع يطحنهم ، والأكثر إيلاماً في نظراتهم الكسيرة النّائحة نحو من يطوقهم وهي تستصرخهم : ( هل من مُغيث ؟ ) ، لكن لا إجابات عدا النّظرات الباردة وربّما المتقزّزة من حراس الحدود هناك ، هكذا إستقبل متحضّروا أوربا أشقائنا السوريين بالأمس عند دمار بلادهم وخرابها .
* اليوم تطحنني موجة الحزن وأنا أتابع أفواج النازحين الأوكرانيين ، وأكثر مايشقٌ في نفسي مرٱى الأطفال ببرأتهم وأجسادهم البضّة وهم يتكبّدون مشقة النزوح مع ذويهم ، وكلٌ ذلك لأنّنا عاطفيون ، كما ذاكراتنا سريعة النسيان كما يبدو ، أو لأننا لانميل الى تأصيل ولو شيئ من النّدية في دواخلنا تجاه الٱخر أياً كان .
* ألمحت بعض الفضائيات - سكاي نيوز عربيه - عن الممارسات العنصرية بين جموع النازحين من أوكرانيا ، فالأوكرانيين الأصل يلقون كل الحظوة والرعاية في الحدود ، ووردت مُرتجلة من أحدهم عبارة أن الأوكرانيين مسيحيين وبيض ومثقفين ، ومن قال أنهم أوروبيين ! هكذا يتفرّد التمييز العنصري المقرف بين هذا وذاك خلال هذه المحنة ، مع أن الكل تطحنهم نفس المعاناة ، والعرب والأفارقة ، ومعظمهم طلاباً ، فقد وجدوا أنفسهم في خانة أخرى من المعاملة هناك ، هذا أذاعته سكاي نيوز ضمن تقرير خبري لها مساء الثلاثاء 1مارس الجاري .
* كان وسيظل الغربي عموما متميزاً بالإستعلاء على الٱخر ، ونحن العرب والمسلمين نحظى بالقدر الأكبر من الدونية والتمييز في نظرهم ، مع كل ذلك يستغرقنا الإستبساط ويمكن الخنوع للٱخر الذي يزدرينا ، أو الذي لايتعاطى معنا ولو بقدر ضئيل من الندية !
* لا أدري متى أو تحت أي ظرف سيتجرّد العربي والمسلم من دونيته التي يصبغها الٱخر به ، أو متى سيتحلّى بتوقير ذاته وإكبارها ويتعامل مع الٱخر مثله ؟ حتى حكامنا العرب بقصورهم الفارهة وهيلمانهم علينا ، فهم يتمسّحون ويتذلّلون للغربي والٱخر عموماّ ، وفي اليونان رموا من أبناء جلدتنا المهاجرين غير الشرعيين في لجة البحر وماتوا منهم ، وثمة من مات عند حدود دول أوربا متأثراً بالصقيع كما قرأت في صحيفة الأيام الغراء في الأيام المنصرمة .
* مع رؤيتي بجدوى وجود قطب أو أقطاب أخرى الى جوار الشيطان الأكبر أمريكا ، وبين دردشة بالواتس مع صديقي المصري والمثقف في القاهرة سألتهُ : كيف تُقيّم مايجري في أوكرانيا ؟ سريعاً ردّ عليّ : يغوروا في ستين داهيه ، وأردف : همّ دول أو دول هيفيدونا بحاجه ؟ لأّ ، كلهم هايخربوا بيت أبونا كعرب ! كنت مقتنعاً تماما بمنطقه ، ثم أني أدرك جيداً أن المسألة هي مسألة ثقافات ولاشكّ ، أليس كذلك ؟!