تحليل: تقارب المؤتمر والإصلاح ولقاء طارق وسالم

الأحد 10 يوليو 2022 23:02:00
تحليل: تقارب المؤتمر والإصلاح ولقاء طارق وسالم

شهدت العلاقات بين كل من المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح مراحل عديدة تراوحت بين التنسيق والتحالف والآئتلاف, وبين الخلاف والخصومة والعداوة.
حينما تأسس المؤتمر في العام 1982م كان الإخوان المسلمون العمود الفقري والأساس الفكري لهذا التنظيم السلطوي المتناقض والمتحالف في نفس الوقت...فيما تأسس حزب الإصلاح في العام 1990م بعد الوحدة اليمنية مباشرة بدعم من الرئيس علي عبدالله صالح كما أشار رئيس الحزب الشيخ عبدالله الأحمر في مذكراته.

شهر العسل :

كانت مرحلة الخلاف والصراع مع الحزب الاشتراكي واحتلال الجنوب خلال حرب 1994م وتقاسم ثرواته والقضاء عللا ملامح دولته وهويته, هي ذروة شهر العسل بين المؤتمر والإصلاح الى درجة أن الأمين العام للاصلاح محمد اليدومي اعلن عن ترشيح حزبه للرئيس صالح في أول انتخابات رئاسية "صورية" عام 1999م قبل أن يعلن المؤتمر نفسه عن هذه الخطوة...وحتى في انتخابات 2006م أعلن الشيخ عبدالله الأحمر أنه سينتخب الرئيس علي عبدالله صالح خلافا لحزبه الذي اعلن دعم منافس صالح فيصل بن شملان.

من ذروة الخلاف والخصام الى تقارب مفاجيء:

مرحلة توريث الحكم من قبل الرئيس صالح لنجله أحمد وحروب استنزاف الفرقة الأولى مدرع والاستنزاف المعاكس والصراع بينهما واشتداد الأزمات السياسية والاقتصادية...نقلت العلاقة بين التنظيمين من التشاركية إلى الخلاف, فالعداء الذي بلغ في العام 2011 ذروته حد المواجهة المسلحة المحدودة التي شهدها محيط ساحة الاعتصام خلال ما عرف بثورة الشباب، التي ظلت رغم ذلك محل احتواء معقول، غير أن تداعيات الانقلاب العسكري الحوثي في سبتمبر (ايلول) في العام 2014 ومغادرة كافة قيادات الصفين الأول والثاني في الحزبين للعاصمة صنعاء، دفعت أصوات كثيرة ومتنامية من داخليهما، مؤخراً، للدعوة لإنهاء الخلاف والتصالح والعمل المشترك "انطلاقاً من القواسم التنظيمية التي تعد من ثوابتهما الراسخة وفي مقدمتها النظام الجمهوري الديمقراطي والوحدة الوطنية".[1]
وعلى الرغم من وجود جملة من نقاط الخلاف بين الحزبين التي يمكن تلخيصها في: نتائج احتجاجات 2011 (ثورة 11فبراير) والموقف من صالح وعائلته، والمناكفات الإعلامية حول حصص التعيينات في الوظيفة العامة والمسببات التي أوصلت أوضاع البلاد لهذا المآل الصعب، إلا أن المحلل السياسي اليمني عادل علي يرى "أن الظرف اليوم أقوى من الجميع، وصار مواتياً لفتح صفحة جديدة تطوي خلافات الماضي وتؤسس لجهود مشتركة نحو استعادة الوطن".[2]
ويدلل بقوله "التوافق غير المتوقع بين الحزبين في اختيار رئيس البرلمان في إبريل الماضي، (سلطان البركاني) ليس هذا فحسب بل إن هذا التوافق كان على شخصية عرفت في السابق، بأنها من صقور المؤتمر التي كانت ترفض التقارب مع الإصلاح ويمكن اعتبار هذه النقلة نموذجاً يؤسس لخطوات مشابهة تذيب الجليد المتراكم بين الحزبين".

اللقاء الأول منذ 2011م:

في تطور سياسي لافت يعيد الى الإذهان مسارعة قيادة حزب الإصلاح الى اللقاء بزعيم جماعة الحوثيين في صعده عقب استيلاء الجماعة على صنعاء عام 2014م, "استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق محمد عبدالله صالح في عدن 25 ابريل 2022م قيادات بارزة من حزب الإصلاح (الذراع السياسي لجماعة الاخوان باليمن)" [3]حضراللقاء بالقائم بأعمال الأمين العام للإصلاح عبدالرزاق الهجري، وعضو الهيئة العليا أحمد القميري.
العميد طارق صالح قال خلال اللقاء بأنَّ التطوُّرات الأخيرة تؤسِّس لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن عنوانها التوافق والاصطفاف في مواجهة الاستحقاقات الوطنية وفي مقدمتها مواجهة المليشيات الحوثية وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.
من جانبهم باركت قيادات التجمع اليمني للإصلاح للعميد طارق صالح بمناسبة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، مؤكدين دعم المجلس، وتوحيد الجهود والإمكانات في معركة استعادة الدولة، مشيدين بمواقف العميد طارق صالح الثابتة والراسخة في مواجهة المليشيات الحوثية.
ويعد هذا اللقاء هو الأول من نوعه بين الطرفين بعد سنوات من العداء الشديد منذ أحداث 2011م ، وتعمقت بشكل كبير منذ انتقال طارق الى الساحل الغربي وتشكيل قواته العسكرية هناك مطلع عام 2018م ، وهو ما رأت فيه جماعة الإخوان تهديد لتواجدها وسيطرتها المسلحة على تعز.
الا أن هذا العداء الشديد شهد انخفاضاً ملحوظاً وبدء تقارب مفاجئ بين جماعة الإخوان في تعز والعميد طارق خلال العام الماضي، تجلى بتبادل الزيارات بين قيادات من الطرفين.

ما الذي تسعى إليه جماعة الإخوان؟

تسعى جماعة الإخوان خلال المرحلة الحالية الى التقارب مع كافة خصومها السياسيين شمالا لضمان بقاءها سياسياً في المشهد بعد انفضاح أمرابتزازها للتحالف العربي واضعافها للشرعية التي سيطرت عليها واقصت كل المكونات وكذا خسارتها مؤخراً لنفوذها جراء الإطاحة بهادي ونائبه الأحمر.
ترى الجماعة إن اسطوانة "الحفاظ على الجمهورية والوحدة" ما زالت عاملا مشتركا لكل قوى الشمال وإن الخصم المشترك الغير معلن هو الجنوب والمجلس الانتقالي على وجه الخصوص.

لقاء طارق وسالم :

فيما اعتبرت خطوة تقارب مهمة بين خصمين لدودين منذ 2015م..."جمع لقاء في مدينة التربة بمحافظة تعز صباح يوم عيد الأضحى الموافق 9 يوليو 2022م بين العميد طارق محمد صالح قائد قوات حراس الجمهورية في الساحل الغربي والعميد عبده فرحان المعروف بـ"سالم" الذي يعتبر القائد الفعلي لمحور تعز الموالي لحزب الإصلاح". [4]

وبدأ طارق صالح سياسة اخضاع قوات محور تعز التابعة لحزب الإصلاح , وعقد اجتماعات بقيادات قوت الحزب الذي ظل ينادي بطرد طارق صالح من الساحل الغربي لمحافظة تعز .

أدى طارق صالح صلاة عيد الأضحى في الجامع الكبير بمدينة التربة مركز مديرية الشمايتين بمحافظة تعز برفقة المحافظ نبيل شمسان.

كما ظهر طارق صالح في منتزه السكون في ذات المديرية مستقبلا المهنيئن بالعيد بعد ان كانت قواته قد مشطت المنطقة , ورفضت قيادات حزبية حضور حفل الاستقبال الذي أقامه طارق في منتزه السكون .

ويعد هذا اول مرة تدخل قوات غير موالية لحزب الإصلاح مدينة التربة منذ اغتيال العميد عدنان الحمادي والسيطرة على اللواء 33 مدرع الذي كان يقوده .
وفي وقت سابق "أعلن طارق صالح عن انضمام الالوية التهامية الى قواته في اجتماع عقده مع قادة الفصائل العسكرية"[5] .

والتزمت قيادات قوات المقاومة التهامية الصمت إزاء عملية الالحاق والضم لقواتها بعد رفض سابق.

وكان قائد اللواء الثالث مقاومة تهامية احمد الكوكباني قد خاض مواجهات مسلحة مع قوات طارق ورفض سيطرتها على مدينة الخوخة .

وكانت مصادر قد قالت "ان التحالف أوكل لطارق صالح تفكيك قوات حزب الإصلاح في الساحل الغربي و محور تعز الذي كان قد تعهد سابقا بدحر طارق صالح من مدينة المخا و ساحل تعز الغربي" .[6]

تحديات على الطريق:

رغم بعض القواسم المشتركة والعوامل الايجابية لتقارب مؤتمري إخواني...ما تزال عوامل الشك والريبة تجاه بعضهما البعض قائمة بقوة ,بالنظر الى الماضي القريب الحافل بالتآمرات والخيانات والإقصاء ناهيك عن العوامل الإقليمية والدولية , والأهم من كل ذلك السجل الحافل بالفشل في مقاومة الحوثيين وتعدد المقاومات والولاءات وإمراء الحرب في مناطق الشمال.

المراجع
1- توفيق علي انبدبنديت عربية 5/12/2019
2- عادل الأحمدي بوابتي 26/11/2019
3- الرصيف برس 25/4/2022
4- صحيفة عدن الغد, 9/7/2022
5- البوابة الإخبارية اليمنية 26/6/2022
6- صحافة الجديد 9/7/2022

العميد الركن/ ثابت حسين صالح

باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي

الدراسات والتحليل

الأحد 21 إبريل 2024 13:51:18
السبت 20 إبريل 2024 14:36:00