تحليل: تم تمديد الهدنة...ماذا بعد؟

الجمعة 5 أغسطس 2022 14:11:00
تحليل: تم تمديد الهدنة...ماذا بعد؟

كما توقعنا في أكثر من مقالة وحديث, تم الاتفاق على تجديد الهدنة اليمنية لشهرين آخرين، حيث أعلن المبعوث الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، يوم الثلاثاء الماضي أن الطرفين اتفقا على تمديد الهدنة بالشروط ذاتها لمدة شهرين إضافيين من 2 أغسطس 2022 وحتى 2 أكتوبر 2022.

ضغوط وموافق اقليمية ودولية:

ويذكر أن غروندبرغ كان يضغط من أجل هدنة مدتها ستة أشهر مع إجراءات إضافية، لكن انعدام الثقة كان عميقا بين الجانبين وكان لدى كل منهما شكاوى بشأن تنفيذ اتفاق الهدنة.

بشكل عام تضغط الأمم المتحدة من أجل وقف دائم لإطلاق النار بهدف استئناف المحادثات للوصول إلى حل سياسي دائم.

كما تدخل مسؤولون أمريكيون وعُمانيون لدى الأطراف المتنازعة لدعم اقتراح غروندبرغ بعد زيارة الرئيس جو بايدن للسعودية الشهر الماضي، حيث أعلن عقب محادثات ثنائية عن اتفاق "لتعميق وتمديد" الهدنة.

رحب الرئيس الأمريكي بايدن بتجديد الهدنة, داعيا الأطراف اليمنية إلى "اغتنام هذه الفرصة للعمل على نحو بناء تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق شامل يتضمن خطوات لتحسين حرية التنقل وتوسيع نطاق دفع الرواتب ويمهد الطريق لحل دائم للصراع بقيادة يمنية".

الهدنة بين المعلن والمستور:

الدافع المعلن لهذه الهدنة او تجديدها هو التخفيف من حدة الأوضاع الإنسانية الصعبة وفتح فرص دبلوماسية جديدة تنفذ بالجميع نحو نقطة التقاء تدفعهم إلى السلام ووضع حد للحرب الدائرة في اليمن [التعيس] منذ ثماني سنوات.

وكما أوضحنا أكثر من مرة أن الحوثيين هم المستفيد الوحيد من الهدنة نظراً إلى التزام "الشرعية" والتحالف العربي بجميع البنود التي عليهم وفقاً لاتفاق الهدنة الأممية، ومنها استئناف النشاط الجوي لمطار صنعاء، والسماح لسفن الوقود بالوصول إلى ميناء الحديدة ، في حين أن الطرف الأخر يرفض ما عليه من التزامات ويقبض عائدات رسوم شحنات الوقود التي قُدّرت بمليارات الريالات مع عدم تنفيذ الالتزامات التي عليه، ومنها دفع رواتب موظفي الدولة من هذه الإيرادات وفتح الممرات والمعابر من وإلى محافظة تعز وغيرها من المحافظات.

من الكاسب ومن الخاسر؟

ما لم تحققه الهدنة فيما يختص بالتزام الحوثيين لن يتحقق خلال التمديد الجديد، وقد تمت الموافقة على مقترحاتهم كافة، فضلاً عما يمنحه لهم من متسع للإعداد العسكري لجولة جديدة من الحرب، إلى جانب المكاسب السياسية الأخرى ومنح قادة الجماعة وعناصرها حرية الحركة دولياً عبر مطار صنعاء...ناهيك عن ما توفره لهم سلطنة عمان.

أما الملف الانساني فسيظل الحوثيون يتبعون سياسة ربط هذا الملف بتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية لصالحهم.

وماذا بعد التجديد؟

بالنظر إلى جملة المعطيات التي دفعت بتجدد الهدنة، يظل التساؤل عما ستؤول إليه المآلات المنتظرة خلال الشهرين المقبلين، وهل تحمل الهدنة شروط صمودها أمام عواصف الحرب؟

الهدنة الجديدة ستستمر على نفس شروط وظروف نظيرتها الأولى، على الرغم من وعود أممية بتحسين وتطير نتائج الهدنة.

قد تكرس الهدنة بقاء الحال على ما هو عليه والدخول في معارك محدودة لا تستدعي اهتمام المجتمع الدولي، ولا تقود إلى مفاوضات الحل النهائي.
كذلك يبدو الأمر في مجمل الشأن الإنساني، وكأنها منحة مجانية إقليمية ودولية لحصد الكثير من المال والسلاح للحوثي وإعادة ترتيب صفوفه والتعاطي الدولي معه كسلطة أمر واقع حاكم للشمال، وطرف أساسي في المعادلة اليمنية.

طريق الهُدن الممددة طريق ثالث طويل يعني لا حرب ولا سلم ولا مصالحة ولا أفق سياسي، هو ترحيل قاتل يجعل الحوثي يتمدد ويقوى والتعامل العسكري لاحقاً معه يبدو شاقاً وطويلاً في ظل الأدوات والآليات والسياسات السابقة.

العميد/ ثابت حسين صالح

*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي