تحليل: ثورة 14 أكتوبر.. ذكرى وذاكرة
دخلت ثورة 14 أكتوبر المتبادلة التاريخ من أوسع أبوابه، باعتبارها ثورة شعب الجنوب العربي للتحرر من الاحتلال البريطاني وبناء دولته الحرة والمستقلة والمستقرة، ذات السيادة، على كامل التراب الجنوبي.
حققت الثورة هدفها الأساسي المباشر بنيل استقلال الجنوب واعلان دولته في 30 نوفمبر 1967م.
شرعت قيادة الجمهورية منذ ذلك الحين، بل ومنذ ما قبله ببناء مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية...نجحت في الكثير منها واخفقت في البعض منها.
النجاحات كثيرة ولن نتحدث عنها هنا في هذه العجالة...أما الأخطاء فقليلة، بيد أن بعضها كانت نتائجها جسيمة وفادحة.
من أهم وافدح هذه الأخطاء التطرف السياسي والفكري والسلوك الانتهازي والتقوقع داخليا وانكماشيا لصالح تيار سياسي مغامر، قومي ويمني، كان هدفه عزل هذه الجمهورية عن محيطها الاقليمي وعن الانفتاح السياسي والاقتصادي الدولي، ما قاد إلى نشر ومن ثم فرض اليمننة بأبشع صورها وأكثرها تخلفا ومطامع الاستحواذ والسيطرة والغلبة.
بعبارة أوضح كان قرار الذهاب إلى وحدة مع اليمن بتلك الصيغة والطريقة، هو أفدح وأخطر تلك القرارات التي كان يجب دراستها ببعد إستراتيجي متأن، ومن ثم كبحها أو فرملتها. دفع الجنوب ثمنا باهضا من دماء ومعاناة وحرمان ابنائه للتراجع عن هذا الخطأ الاستراتيجي القاتل ذات التجربة المريرة الفاشلة.
تأتي ذكرى 14 أكتوبر هذا العام لاستذكار امجاد الثورة والدولة القوية المهابة...وفي نفس الوقت لاستلهام الدروس والعبر وعدم الوقوع فيها مرة أخرى تحت أي مبرر أو شعار.
يتجه الجنوبيون اليوم إلى المستقبل بثقة عالية ورؤية واضحة المعالم والخطوط، تقوم على السير الآمن والحثيث للدفاع عن الجنوب وخلاص من ورطة 22 مايو وما تلاها 7/7 و21 سبتمبر، واستعادة وبناء دولته الفيدرالية القائمة على مباديء الحكم الرشيد.
هذا يتطلب اصطفاف جنوبي واسع خلف قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي جنبا إلى جنب مع مراجعات جادة لتصحيح الأعوجاج وكبح جماح السلوك السيء وضرب بؤر الفساد والسيطرة على الموارد وتسخيرها لحلحلة الوضع المعيشي والخدمي، واستمرار العمل السياسي والدبلوماسي الخارجي على قاعدة الشراكة والمصالح المتبادلة.
العميد الركن/ ثابت حسين صالح
*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.
