تحليل: لماذا يرفض الحوثيون تمديد الهدنة الأممية؟

السبت 24 ديسمبر 2022 17:39:00
تحليل: لماذا يرفض الحوثيون تمديد الهدنة الأممية؟

في 2 أكتوبر 2022 أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ عدم توصل اطراف الهدنة إلى اتفاق على تمديد الهدنة التي استمرت 6 أشهر وكان المبعوث قد قدم مقترح لتمديد الهدنة شمل: دفع رواتب ومعاشات موظفي الخدمة المدنية,فتح طرق محددة في تعز ومحافظات أخرى,تسيير وجهات إضافية للرحلات التجارية من والى مطار صنعاء.

جاء رفض جماعة الحوثي لتمديد الهدنة لمدة 6 أشهر متوقَّعاً في ظل سياسات المراوغة والمماطلة والاستقواء بالخارج التي لطالما انتهجتها تلك الجماعة الخارجة عن الشرعية الوطنية والدولية. الأمر الذي يؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، للأسرة الدولية عدم جدية الحوثي في المشاركة في إقرار الأمن والسلام في اليمن.

ومن الأهمية القول إنه لا يستطيع عاقل إنكار أن الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ منذ 2 أبريل 2022 وانتهت في 2 أكتوبر 2022، أفادت الحوثيين أكثر من غيرهم، خاصة وأنهم رفضوا إعادة فتح الطرق الرئيسية لمدينة تعز المحاصرة من قِبلهم منذ نهاية 2015، حيث سمحت الهدنة بتدفق واردات الوقود من ميناء الحديدة إلى مناطق سيطرة الحوثيين التي تضم ثلثي السكان؛ ما أدى إلى تراجع واحدة من أشد الأزمات الإنسانية ضراوة، وبدأت الرحلات المنتظمة تصل تباعاً بين مطاري عمان وصنعاء المغلق منذ 7 سنوات، والأمر الأكثر أهمية هنا تمثل في تراجع حدة المعارك.

وبرغم موافقة الحكومة "الشرعية" على شروط تمديد الهدنة، والتي من بينها: فتح خطوط جديدة للطيران من مطار صنعاء، وفتح ميناء الحديدة، وفتح الطرقات في مدينة تعز، والتوافق على قيام الحوثيين بإيداع إيرادات ميناء الحديدة في حساب خاص تحت إشراف الأمم المتحدة يتم من خلاله صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، على أن تتولى الحكومة الشرعية تغطية العجز في بند الرواتب من الإيرادات في مناطق سيطرتها – برغم كل ما سبق فإن هناك جملة من الأسباب التي تقف وراء رفض الحوثي لتمديد الهدنة، والتي من بينها:

أولاً، السعي للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية، ضمن خططهم الساعية لانتزاع اعتراف دولي بشرعيتهم، ودفع المجتمع الدولي لزيادة الضغط على الحكومة اليمنية بهدف القبول بالشروط الحوثية.

ثانياً، إن جماعة الحوثي تنظر إلى الهدنة كأنها “معركة سياسية” أو “فرض إرادات”؛ لذلك فهي تستخدم استراتيجية رفع السقف بالضغط على مخاوف دول الإقليم التي تريد الاستقرار بسبب الظروف الإقليمية والدولية الآنية.

ثالثاً، إن رفض استمرار الهدنة يؤكد أن جماعة الحوثي لديها النية في استمرار الحرب والحصار والمجاعة، حيث رفضت فتح الطرقات بين مأرب وصنعاء والطرق الرئيسية بين المدن للتخفيف عن كاهل اليمنيين.

رابعاً، إن الجناح العسكري والعقائدي للحوثيين قد أفشل اتفاقاً معدلاً تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن في محاولة لمنع انهيار الهدنة الأممية، وهذا يؤكد أن الجماعة نجحت في الحصول على التمويل والإمداد اللازمين للاستمرار في المعارك؛ ما يؤدي إلى مزيد من إنهاك المجتمع اليمني واستنزاف قدراته. وفي هذا السياق، دعا وزير الدفاع في حكومة الحوثي، غير المعترف بها دولياً، محمد ناصر العاطفي القوات الحوثية إلى المزيد “من اليقظة والجهد والتأهيل”، وقال إن الميليشيات الحوثية “لن تألوَ جهداً في امتلاك القدرات والإمكانيات والموارد والأساليب”.

الخلاصة:

إن فشل تمديد الهدنة في اليمن بسبب رفض الحوثيين وإصرارهم على مواصلة طريق استنزاف الشعب اليمني ومحاولة فرض ارادتهم بالقوة سيدفع بالضرورة إلى استمرار الحرب وتفاقم الأزمات الإنسانية. وفي ظل عدم امتلاك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وسائل وأدوات ضغط حقيقية على الحوثيين ترغمهم على التحرك في مسار إقرار السلام ، فإن هذه الجهات الدولية ستكون مدعوة على الأقل لإدانة الممارسات والسلوكيات الحوثية المهددة للاستقرار الاقليمي وتحميل هذه الجماعة المسؤولية الكاملة عن أية تبعات لعودة الحرب من جديد لليمن؛ نتيجة إصرارها علىرفض تمديد الهدنة وخيار السلام، ومواصلة سعيهم لفرض السيطرة على اليمن.

من الجدير بالذكر أن الحوثيين ظلوا خلال فترة الهدن السابقة يهاجمون أهدافا مدنية في الجنوب ومنها منشآت نفطية في كل من شبوة وحضرموت...ولم يوقفون اعتداءاتهم قط على القوات الجنوبية في الضالع ولحج وكأن الهدن كان يتم تطبيقها فقط على أراضي التحالف وعلى الجيش الوطني الموالي للاصلاح فحسب, حيث تتعايش قوات الحوثيين والاصلاح في كل من تعز ومأرب.

العميد الركن / ثابت حسين صالح

باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.

الدراسات والتحليل

الأحد 21 إبريل 2024 13:51:18
السبت 20 إبريل 2024 14:36:00