تحليل: سهام الشرق وسهام الجنوب
في هذه المقالة ، نحاول تسليط الضوء على ثمار عملية "سهام الشرق"و"سهام الجنوب" ومراحلمها التكتيكية لتخليص محافظة أبين خاصة والجنوب عامة من أخطر وأكبر معاقل تنظيم القاعدة في اليمن وفي شبه الجزيرة العربية وشكلت لعقود منطلقا للإرهابيين.
رغم الأرض الوعرة وتكويناتها المعقدة، إلا أن عملية "سهام الشرق" نجحت في توجيه ضربات موجعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، الذي ظل لعقود ينهش جسد محافظة أبين الجنوبية العربية.
فهذه المعاقل الجبلية انطلقت منها أول أجيال تنظيم القاعدة في تسعينيات القرن الماضي "الأفغان العرب" برعاية ودعم من نظام صنعاء وشركائه الإقليميين والدوليين.
انطلقت العملية العسكرية "سهام الشرق" في 23 أغسطس، بمشاركة قوات الحزام الأمني وشرطة ومحور أبين والمقاومة الجنوبية لتتمكن خلال 4 مراحل من الانتشار والسيطرة على مناطق ومعسكرات رئيسية في 6 مديريات: خنفر، وأحور، ولودر، والوضيع، ومودية، والمحفد.
وخلال شهرين فقط من انطلاق العملية العسكرية، استطاعت القوات الجنوبية، تأمين 12 ألف و615 كيلومتر مربع وذلك من المساحة الإجمالية لمحافظة أبين البالغة نحو 15 ألف كيلومتر مربع.
المرحلة الأولى:مساء يوم 23 أغسطس/ أيار 2022، أعلنت القوات الجنوبية انطلاق عملية "سهام الشرق" واستهدفت مرحلتها الأولى توحيد القوات العسكرية والأمنية في المقاومة الجنوبية والحزام الأمني وشرطة ومحور أبين.
وتمكنت هذه القوات خلال وقت قياسي من فرض السيطرة الأمنية ومكافحة الإرهاب في المناطق المحيطة بـ"العرقوب" وحتى مناطق "الخضر" في إطار مديرية خنفر وصولا إلى مديرية أحور، كبرى مديريات محافظة أبين الساحلية.
وركزت القوات الجنوبية خلال هذه المرحلة على تصفية أوكار العناصر الإرهابية والسيطرة على عدد من المخازن والأسلحة والذخائر وأجهزة الاتصالات لا سيما في أودية "الخضر"؛ أحد أوكار تنظيم القاعدة.
كما بدأت في مواجهة مباشرة مع عناصر تنظيم القاعدة في الخط الساحلي في أحور والتوجه صوب أولى معسكرات التنظيم في وادي موجان بالمديرية وهو من المعاقل الرئيسية لتنظيم القاعدة الإرهابي.
وفي أول رد على "سهام الشرق"، شنّ تنظيم القاعدة الإرهابي بواسطة 8 عناصر انتحارية، هجوما مباغتا على حاجز أمني لقوات الحزام الأمني في مديرية أحور الساحلية في 6 سبتمبرالماضي، ما خلف 21 قتيلا و18 مصاب من القوات الجنوبية.
المرحلتان الثانية والثالثة:
وخلافا لتوقعات القاعدة، زاد الهجوم الإرهابي القوات الجنوبية إصرارا على استئصال سرطان التنظيم والتي أطلقت خلال وقت قياسي من الهجوم، المرحلة الثانية من عملية "سهام الشرق".
واستهدفت هذه المرحلة التكتيكية مديريتي "الوضيع" و"لودر" وتوجت بالفعل بفرض السيطرة الكاملة على معسكر "عكد" في لودر و معسكر "السرى" بين شقرة ومودية. كما أمنت "مفرق الوضيع" و"عزان" و"وادي النسيل".
وفي المرحلة الثالثة، زحفت القوات الجنوبية صوب مديرية مودية، لتأمين "آل باقيناش" والمدارة" ثم تطويق أكبر معاقل تنظيم القاعدة الإرهابي المتمثل بـ"وادي عومران"، والذي يوصف بأنه "تورا بورا اليمن".
في هذه المرحلة، دافع تنظيم القاعدة باستماتة كبيرة عن معقله، حيث لجأ لتفخيخ الوديان والطرقات وشن في يوم 12 سبتمبر، نحو 4 عمليات تفجير إرهابية بالعبوات الناسفة.
عملية السيطرة على وادي "عوامران" شرق مودية، انطلقت تحت غطاء ناري مكثف من المحورين الشمالي والجنوبي بعد إحكام سيطرة القوات على بلدتي "شعب شقير" و"الحميمة".
وفي يوم 18 سبتمبر ،أعلنت القوات الجنوبية رسميا السيطرة على معسكرين للقاعدة بـ "وادي عومران"، قبل توقف العملية لأيام لإغلاق المنافذ الحدودية مع المحافظات لا سيما محافظة البيضاء الشمالية.
في 24 سبتمبر 2022، بدأت القوات الجنوبية المرحلة الرابعة من عملية "سهام الشرق" واستهدفت تحرير مديرية المحفد شمالي المحافظة المطلة على البحر العربي.
وتوجت هذه المرحلة بتأمين كافة مناطق ومعسكرات مديرية المحفد بما فيه إحكام السيطرة التامة على "وادي الخيالة" و"وادي ضيقة" والانتشار والتموضع في السلسلة الجبلية الممتدة الواصلة لحدود محافظة شبوة.
"سهام الجنوب"
انطلقت عملية "سهام الجنوب" في شبوة بعد نحو أيام من انطلاق سهام الشرق وتحديدا في 10 سبتمبر2022م، وحققت خلال مرحلتها الأولى التي استمرت يومين فقط العديد من الأهداف في المحافظة.
عملية "سهام الجنوب" كانت أكثر دقة وتمتعت بخطة مدروسة نجحت خلالها في استئصال أوكار القاعدة في وادي "سرع" و"الطفه" و"مذاب" في المصينعة بمحافظة شبوة خلال وقت قياسي.
حذرنا في تصريح سابق لـ"العين الإخبارية"، بعد انتهاء عمليتي سهام الشرق وسهام الجنوب "أن السيطرة المعلنة للقوات الجنوبية لا تكفي وأنه لابد من ملاحقة هذه العناصر الإرهابية، والقضاء عليها وشل قدرتها على معاودة الهجوم، لأن القاعدة العسكرية العامة في الجيش و الحروب تقول أن الأهم من السيطرة على الأرض، هو الحفاظ على هذه الأرض وتأمينها تأمينا كاملا من كل النواحي".
وبالفعل عمل تنظيم القاعدة الإرهابي بعد التقاط أنفاسه على شن حرب أطلق عليها "حرب العبوات لناسفة" ضد القوات الجنوبية ، وذلك بعدما شلت قدراته في شبوة وأبين خلال الشهور الماضية.
حيث صعّد تنظيم القاعدة خلال شهر ديسمبر المنصرم من هجماته بالعبوات الناسفة، ونفذ 3 هجمات إرهابية استهدفت قوة دفاع شبوة، والحزام الأمني، وشرطة محور أبين، وهي قوات لعبت دورا محوريا في دك معاقله منذ أغسطس/آب الماضي.
وخلفت هذه الهجمات الإرهابية 11 شهيدا وجريحا بصفوف القوات الجنوبية.
لذلك كان على القوات الجنوبية أن تبدأ مرحلة جديدة أعلن عنها في مطلع العام الجيد 2023م, ينتظر أن تكون هي الحاسمة لتحليص محافظة أبين خاصة والجنوب عامة من جرائم الإرهاب القاعدي وأعوانه...