تحليل: انطباعات وشهادات من عدن
بعد غياب طويل استمر أكثر من ثماني سنوات...أزور عدن هذه الأيام باحساس وواقع العائد إلى حضن أمه وقد عانت وعانى هو الآخر من آلام وقساوة ظروف الغربة والبعد عنها وعن الإخوة والأحباب والرفاق والزملاء والجيران.
ما زالت الزيارة في بدايتها ومن المبكر جدا تكوين أنطباعات أو استنتاجات نهائية قبل أن تستكمل الصورة من كافة جوانبها وزواياها المضيئة والمظلمة...حيث احرص على أن استمع وأرى واتفحص.
مع ذلك أستطيع أن أؤكد أن الصورة التي رأيتها حتى الآن هي أفضل وأرحم بكثير مما توقعت أو سمعت ومما أفرزته حملات الدعاية والتحريض والحرب النفسية التي ترافقت وزادت من ويلات وتبعات الحرب على شعب الجنوب بالنار والحديد، من جانب المحتلين والارهابيين، وحروب الخدمات والمرتبات والعملة والأسعار وإشاعة الفوضى ونقل التخلف والهمجية والافساد والتدمير المادي والمعنوي والأخلاقي لكل ما كان قائما.
أستطيع أن أقول في انطباع أولي أن عدنا وكذلك باقي محافظات الجنوب تقاوم، ببسالة وصبر وثبات رغم الجراح والآلام ،تقاوم كل هذه الحروب مجتمعة وتحاول الصمود والبقاء واقفة شامخة، وترفض الاستسلام وإملاء الشروط الظالمة، او مقايضة حريتها وكرامتها وسيادتها.
أقول بدون مبالغة أو تعصب أن عدنا هي أجمل المدائن كلها التي اقمت فيها دارسا أو زائرا أو نازحا.
رغم ما ماعاناه الناس هنا طول سنوات الحروب - الأخيرة المستمرة والسابقة - ما تزال بساطة أهالي عدن الأصليين تمنح القادم أليها جرعة، بل جرعات عديدة، من الخير والأمل والتفاؤل...بإن السنوات العجاف سبعا كانت أم ثمانا أم تسعا...لابد أن تنتهي ولابد لليل ان ينجلي.
لن استرسل كثيرا لكني حريص بعون الله وبأمانة وإخلاص وتحري أكبر قدر ممكن المصداقية، على الكتابة في مقال قادم أو سلسلة مقالات وبعيدا عن الإنشاء، عن ما تحتاجه عدن وأهلها ، ما لهم وما عليهم... في هذه الظروف وهذه المرحلة التي حانت فيها وحصحصت الاستحقاقات المنتظرة والمؤجلة.