د. مقطن والرحيل المبكر

بمجرد ما شاهدت صورة الزميل الفقيد د صالح مقطن حيمد الأستاذ الأكاديمي بجامعة عدن، على إحدى صفحات فيس بوك لأحد الشباب، انتابتني حالة من الذعر والخوف، حيث شعرت بأن أمراً جللاً قد حل بالزميل العزيز.
وهكذا فقد كان المنشور خبراً حزيناً ينبئ عن الوفاة المفاجئة لواحد من اعز زملاء الدراسة الأكاديمية والعمل الأكاديمي في جامعة عدن ومن اهم الشخصيات الاكاديمية والوطنية المحترمة.
تعرفت على الدكتور صالح عام ١٩٩١م في بلغاريا جامعة صوفيا وفي كلية الفلسفة والعلوم الاجتماعية نفس قسم الفلسفة الذي ناقشت فيها رسالتي لنيل الدكتوراه.
عملنا معا سواء كطلاب دراسات عليا او كابناء جالية واحدة وأصحاب همٍ واحد وتطلعاتٍ مشتركة.
عشنا فترة البحث العلمي وتقاسمنا مرارة متابعة حرب ١٩٩٤م البغيضة ونتائجها الكارثية على الجنوب والجنوبيين.
تشاركنا الهم الطلابي والعلاقات الرفاقية النبيلة، كان منزله في حي سلاتينا بالعاصمة البلغارية صوفيا، مستقراً لمعظم طلاب الجامعة وطلاب الاقتصاد والهندسة من الجامعات والمعاهد والكليات الاخرى ، وطلاب الدراسات العليا في العاصمة البلغارية،.
تميز د. مقطن بطيبة النفس وهدوء الأعصاب والانفتاح على الجميع، وكان كريماً كرم الطلاب الذين أكثر ما يملكون هو مصاريفهم الشهرية لكن د. صالح لم يكن يتردد أن يصرف ما بجيبه لكل من يحتاج إلى العون.
ناقشنا الاطروحتين في نفس القسم في وقتين متقاربين لكن الحرب ونتائجها البغيضة أجبرتنا على الانتظار بعض الوقت، حتى مطلع العام ١٩٩٥م.
سافرنا على نفس الحافلة من صوفيا إلى دمشق وعلى نفس الطائرة دمشق - عدن.
الفقيد من القلائل الذين لم يغضبوا احداً ولم يغضبوا من أحدٍ بفعل دماثة الخلق وطيب المعشر وطول البال وهدوء الأعصاب.
وكان الزميل الفقيد من الباحثين الممتازين في علوم الفلسفة ونظرية المعرفة، وهي الجزئية التي تناولها في رسالته لنيل الدكتوراه.
الكثير والكثير يمكن أن يقال عن الفقيد د. صالح مقطن حيمد مما لا يتسع له الحيز لكنني ارجئ الحديث في هذا إلى وقت آخر.
أتقدم بصادق مشاعر العزاء والمواساة إلى أهل الفقيد وأولاده وكل أفراد أسرته وإلى الزميل د. الخضر لصور رئيس جامعة عدن وكل الأسرة الأكاديمية في الجامعة وإلى زملاء الفقيد وتلاميذه وجميع محبيه.
متضرعا إلى الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يغفر له ويتوب عليه ويسكنه فسيح جناته.
وإنا لله وإنا اليه راجعون