تحليل: قراءة في مستجدات العلاقات السعودية الايرانية واثرها على الملف اليمني
في العاشر من مارس 2023 وقعت كل من السعودية وايران وبرعاية صينية اتفاق مصالحة وتطبيع العلاقات بين البلدين.
اليوم وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض في زيارة هي الأولى له إلى المملكة منذ استئناف العلاقات بين القوتين الإقليميتين. وأعقبت المصالحة الإيرانية-السعودية سلسلة من التغييرات في المشهد الدبلوماسي في الشرق الأوسط أبرزها إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق.
تزامن الاتفاق السعودي–الإيراني مع الذكرى الثامنة للتدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن لإزاحة حركة (أنصار الله) الحوثيين المتمردة، التي تتمتع بدعم إيراني مكثف وقوي. وتحولت الحملة إلى فشل مكلف للسعودية. إذ إنها لم تحقق أهدافها المعلنة، أي هزيمة الحوثيين واستعادة حكومة "الشرعية" إلى صنعاء.
هذا التدخل ضاعف من دعم إيران للحوثيين، بما في ذلك تقديم المساعدات العسكرية، والدعم الدبلوماسي واستضافة وسائل الإعلام الموالية للحوثيين في جزء من بيروت يسيطر عليه حزب الله حليف إيران.
ما زال الحوثيون حتى اليوم يحكمون قبضتهم على معظم الشمال، بما فيها صنعاء، وباستثناء الجنوب الذي حررته المقاومة الجنوبية بدعم من التحالف فإن القوى الشمالية التي أعلنت تاييدها لعاصفة الحزم وتمسكت بالشرعية لم تعد تسيطر إلا على أجزاء صغيرة من محافظتي مأرب وتعز.
لذلك سعت السعودية منذ مطلع عام 2022، بنشاط إلى التوصل إلى نهاية تفاوضية للحرب، أو على الأقل إنهاء مشاركتها فيها.
في ابريل من ذلك العام، أفضت وساطة يسّرتها الأمم المتحدة إلى هدنة لمدة شهرين، جددت مرتين قبل انتهاء أمدها في أكتوبر، لكنها ما تزال محترمة إلى حد كبير من قبل جميع الأطراف في الشمال في حين استمر الحوثيون في مهاجمة الجنوب.
في يناير 2023، يسّرت عُمان
اتصالات من خلال قناة خلفية بين السعودية والحوثيين تطورت إلى محادثات مباشرة عندما زار الوفد السعودي صنعاء لمناقشة اتفاق وقف إطلاق نار دائم.
تأمل الرياض بأن الاتفاق مع طهران سيساعد في المحافظة على الزخم
نحو المخرج الذي تسعى إليه من التواصل.
قد ترى السعودية وإيران في التوصل إلى تسوية في اليمن خطوة أولى نحو ترتيب أمني إقليمي يمكن أن يحقق مصالحهما.
لكن ما تزال الطريق طويلة للوصول إلى حل سلمي للحرب اليمنية؛ وما زال من غير الواضح إلى أي حد سيساعد الاتفاق الذي توسطت فيه الصين في تحقيق ذلك. حتى الآن، لم تظهر إيران أنها مستعدة لتقديم تنازلات حقيقية، ولا سيما فيما يتعلق بتقديمها أسلحة متقدمة للحوثيين.
حتى لو أرادت إيران أن تسهم بفعالية، فإن نفوذها على الحوثيين وقدرتها على إقناع الجماعة بقبول حل سياسي، سواء مع السعوديين والإماراتيين أو، وهذا هو الأمر الأكثر صعوبة، مع جملة من القوى المعادية للحوثيين في اليمن، ما يزال أمراً مشكوكاً به. في الوضع الراهن، وفي حين أن اتفاقاً سعودياً ضيقاً مع الحوثيين سيشكل خطوة إيجابية، فإنه لن ينهي الحرب، بالنظر إلى أنه سيستبعد مجموعة من اللاعبين السياسيين والعسكريين المتحالفين مع ما تبقى من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وعلى رأسهم المجلس الانتقالي الجنوبي. سيتعين على أي اتفاق أولي بين الرياض والحوثيين أن يحضّر الأرضية لمحادثات يمنية–يمنية ويمنية جنوبية.
التحرك المشجع الوحيد بعد ذلك تمثل بتبادل الحوثيون والحكومة أكثر من 800 سجين بين 14 و17 أبريل. وفي وقت سابق من ابريل دعت السعودية أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، شريكها اليمني الرئيسي، لمناقشة تفاصيل خارطة طريق كانت الرياض تتفاوض عليها مع الحوثيينفي
وطبقاً لمصادر مجموعة الأزمات في اليمن، فإن خارطة الطريق ستقسم إلى مراحل، بداية باتفاق حوثي–سعودي سيؤدي إلى فتح كامل لموانئ البلاد ويفتح الطرقات.
من حيث المبدأ، ينبغي لهذه الخطوة أن تفتح الباب أمام مفاوضات يمنية–يمنية.
كما ينبغي أن تسمح بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والعسكريين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو مطلب حوثي رئيسي، والذي يرفضه خصوم الجماعة حتى الآن والذي يزداد تعقيداً بسبب الوضع غير المعترف به للسلطات الحوثية بحكم الأمر الواقع وبسبب إصرار الحوثيين على دفع الجزء الأكبر من رواتب انصارهم من ثروات وايرادات الجنوب.
ثم تنص الخطة على مرحلة انتقالية من سنتين تخصص للحوار اليمني–اليمني حول المستقبل السياسي للبلاد بما في ذلك وضع الجنوب. لكن حتى الآن، يبقى من غير الواضح ما إذا كان الحوثيون سينفذون مثل هذا الاتفاق.
وحتى لو كانوا مستعدين لذلك، ما إذا كانت مختلف القوى المعادية للحوثيين تستطيع أن تجلس إلى الطاولة ومعها مجموعة موحدة من المطتحديد
ويبقى مفتاح الحل الجذري والنهائي هو الاقرار بحق الجنوب في تحديد خياره من الوحدة والتي يبدو أن هذا الخيار قد حسم لصالح فك الإرتباط واستعادة الدولة الجنوبية .