تحليل: حتى تتحول القوات الجنوبية إلى جيش نظامي

الخميس 26 أكتوبر 2023 15:26:02
تحليل: حتى تتحول القوات الجنوبية إلى جيش نظامي

حتى تتحول القوات الجنوبية إلى جيش نظامي

العميد الركن ثابت حسين صالح*

أي دولة في العالم كبيرة كانت أم صغيرة تستند إلى ثلاث ركائز أساسية هي:
1- الأرض

2- الشعب

3- السلطة ذات السيادة. الشرط المُتطلب من السلطة الحاكمة هو بسط سلطانها على كامل ارض الدولة والمقيمين عليها، ومن أهم عناصر هذه السلطة هو (الجيش) الذي يجب ان تحتكره تلك السلطة من اجل تأمين الاستقرار والأمن الداخلي والدفاع عن الدولة من العدوان الخارجي أو التخريب أو التمرد الداخلي.

بعد ان تولى الملك فيصل الاول حكم العراق أبدى اهتماماً إستثنائياً بالجيش لاعتقاده (أن اولى مستلزمات الأستقلال هي حصول البلاد على جيش يحمي اراضيها ) ويلغي حجة البريطانيين لتبرير وجودهم العسكري في العراق، وعلى الرغم من أيمانه بأن (السياسة هي الطريق الأسلم لحل الخلافات بين الدول ) إلاَ أنهُ كان مقتنعاً في الوقت نفسهُ بأنهُ لايمكن للدولة أن تتقدم وتسمو إلاَ بزيادة قوتها العسكرية،لذلك بدأ الملك المؤسس مذكراته الخطيرة التي كتبها عشية الاستقلال لمناقشتها بالقول (بدأت بالجيش لأني أراهُ العمود الفقري لتكوين الدولة ) .

دولة الاستقلال الأول في الجنوب حرصت منذ إعلانها، بل وما قبله، على بناء وإعادة بناء وهيكلة الوحدات العسكرية والأمنية والقوات الشعبية، حتى أصبحت جيشا منظما كان من أهم عوامل نجاح الدولة في الداخل والخارج ، جيش جمع بين الاحترافية والشعبية والولاء الوطني.

لذلك عمل نظام 7/7 بعد حرب 1994م على التخلص من هذا الجيش بوسائل عدة: تدميرا وقتلا وتطفيشا وتهميشا.

فكان على الجنوبيين الذين لم يستسلموا لهذا الاحتلال أن يبذلون أقصى ما يستطيعون من جهد لمقاومة هذا الاحتلال، وكان ضباط وافراد الجيش الجنوبي في طليعة المقاومين لهذا الاحتلال.

حرب (الغزو الثاني) على الجنوب في 2015م من قبل منظومة الاحتلال اليمني بمسمياتها الحوثي عفاشي والاخواني المعززة بخبراء وقادة ايرانيين و ألوية الحرس الجمهوري والقوات الخاصة ، هدفت لاستمرار الاحتلال وتجديد وتكرار سيناريو احتلال الجنوب في صيف 1994م.
استطاعت المقاومة الجنوبية بكافة تشكيلاتها ومسمياتها المختلفة من التصدي لهذا الغزو الهمجي وتحقيق اول انتصار عظيم عليه في محافظة الضالع بتاريخ 2015/5/25م توالت الانتصارات في العاصمة عدن وبقية مناطق ومحافظات الجنوب.
وفي معمعان المقاومة الجنوبية ضد الحوثيين وبدعم من التحالف العربي تشكلت القوات الجنوبية ممثلة بالأحزمة الأمنية وقوات الدعم والإسناد والنخب والعمالقة والعاصفة والوية الصاعقة ووحدات مكافحة الإرهاب...الخ.

وخلال السنوات الماضية التي ابلت فيها القوات الجنوبية بلاء حسنا في صد هجمات الحوثيين المتكررة والجرائم الارهابية للقاعدة وداعش واعمال التخريب والفتن التي كان يقف خلفها تنظيم الإخوان بالتخادم والتنسيق مع الحوثيين...كان على قيادة المجلس الانتقالي وما زال عليها أن تعمل الكثير من أجل الحفاظ على هذه القوات وتحويلها إلى جيش نظامي.

وللعبرة نذكر أنه جاء انهيار الجيش العراقي، الذي تلقى تدريبًا أمريكيًا، أمام الهجوم الذي شنه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وحلفاؤهم مبدئيا، ليكون بمثابة ضوء أحمر للتحذير من الموقف الخطير الذي يواجهه العراق حكومة وشعبا.
فعلى الرغم من التعداد الضخم لذلك الجيش ألا انه جيش لا زال في طور التأسيس، حيث إن إمكاناته الجوية، على سبيل المثال، لا تزال محدودة للغاية.
وهو الدرس- رغم فارق الظروف بين العراق والجنوب-... الذي يتوجب على القيادة الجنوبية إلى استلهامه وتجنب الوقوع فيه.

من شروط توفر جيش جنوبي قوي استكمال تكويناته ليضم الثلاثة الصنوف الرئيسية لأي جيش، وهي بالإضافة إلى القوات البرية القوات الجوية والدفاع الجوي والقوات البحرية والدفاع الساحلي بما في ذلك خفر السواحل.

ويمكن البدء بماهو متوفر حاليا وهي القوات البرية التي يجب إعادة بنائها وهيكلتها لتصبح نواة لجيش جنوبي نظامي ومحترف.

سنحاول بإذن الله في مقالات لاحقة مناقشة وتحليل هذه المهمة الاستراتيجية الملحة.

* باحث ومحلل سياسي وعسكري