تحليل: المآلات والملامح المتوقعة للتسوية السياسية:

الاثنين 30 أكتوبر 2023 14:05:51
تحليل: المآلات والملامح المتوقعة للتسوية السياسية:

المآلات والملامح المتوقعة للتسوية السياسية:

العميد الركن ثابت حسين صالح*

كي نستطيع استشراف ما يمكن ان تؤول اليه الحرب الدائرة في جغرافية"الجمهورية اليمنية" منذ مطلع 2015م...علينا ان نحدد أولا من هي الأطراف المتحاربة والمشاركة واهداف كل منها المعلنة والغير معلنة.

روج الإعلام الرسمي لسلطة "الشرعية" اليمنية المقيمة في المنفى منذ نشوب الحرب وتارة في عدن، أن الحرب ضد الانقلابيين...فيما روج إعلام سلطة "الانقلابيين" الحوثيين أنهم يخوضون حربا "ضد العدوان وضد مرتزقة السعودية والإمارات".

اما التحالف العربي بقيادة السعودية فقد أعلن الحرب بهدف "استعادة الشرعية والقضاء على الخطر الإيراني الحوثي الذي يهدد حدودها الجنوبية...الخ".

لكن هذا الإعلام لم يكلف نفسه الاجابة على السؤال الأهم، عن الأهداف الخفية الحقيقية للحرب:

1- بالنسبة للحوثيين اعتبروا منذ البداية ان الشمال "حقهم" وأن حربهم الحقيقية هي ل"استعادة الجنوب حتى آخر رمق"...بحسب تأكيد سيدهم لجمال بن عمر واخرين.

لذلك كان هدفهم بعد الاستيلاء على الشمال الوصول إلى عدن (عاصمة الجنوب) انطلاقا من صنعاء، ذمار، اب، تعز...من ناحية ومن صنعاء ، البيضاء وأبين من ناحية أخرى...بل اجتاح الحوثيون شبوة كذلك عن طريق مأرب والبيضاء...أكثر من مرة.

2- في ضوء ذلك نستنتج أن المسرح الرئيس للعمليات الحربية كان وما زال الجنوب، وأن الجبهات التي ظلت مشتعلة باستمرار بعد تحرير الجنوب هي جبهات الحدود بين الجنوب والشمال : الضالع، الحد ، كرش ، الصبيحة، ثرة ، الساحل الغربي...وصولا إلى جبهة شقرة وشبوة عام 2019م التي تولت القوات الموالية لحزب الإصلاح الحرب فيها ضد الجنوب نيابة عن الحوثيين وعن كل مراكز النفوذ في الشمال...قبل أن يتمكن الجنوبيون من السيطرة على الوضع في هذه الجبهة (البؤرة).

3- اذا الطرف الذي حارب دفاعا عن الجنوب وتحت رايته والحق الهزائم بالحوثيين هو شعب الجنوب ممثلا بحراكه ،مقاومته وقواته وأمنه ومجلسه الانتقالي.

4- أي أننا امام طرف كان وما زال هو الأكثر حضورا وفعلا وتضحية على الأرض وكان هدفه واضحا منذ بداية الحرب: تحرير الجنوب واستعادة دولته ودعم عمليات التحالف لتحقيق أهدافها.

5- من جانبها سلطة "الشرعية" التي سيطر عليها حزب الإصلاح فشلت أو أفشلت تحرير الشمال وحولت مسار الحرب للاستيلاء على الجنوب..

6- بالمقابل ظهرت قوة اخرى صاعدة لمقاومة الحوثيين في الشمال في الساحل الغربي تحديدا ممثلة ب"حراس الجمهورية" جلهم من تشكيلات الحرس الجمهوري الموالي للرئيس الراحل علي عبدالله صالح...وشاركت هذه القوات بقيادة القوات الجنوبية والمقاومة التهامية في الوصول إلى مشارف الحديدة...قبل أن يتم التوقيع النفاجيء على اتفاق استوكهولم في 13 ديسمبر 2018م بين الحكومة الشرعية والحوثيين.

7-القوى الداعمة:

ايران تدعم الحوثيين صراحة وتطمح إلى السيطرة على كل جغرافية "الجمهورية اليمنية" واضعة في حلمها السيطرة على مضيق باب المندب، كحد أقصى أو على الشمال كحد أدنى.

تركيا وقطر وعمان : تدعم حزب الإصلاح وحلفائه من الجماعات المتطرفة والارهابية وتطمع في السيطرة على الجنوب بشكل خاص ذات الموقع الاستراتيجي الأهم والأغنى ثرورة باطنا وظاهرا...وتحتفظ عمان بعلاقة مميزة مع الحوثيين وايران.

الخلاصة:

1- انطلاقا من كل ما سبق تبدو الأهداف الحقيقية بل وحتى الأطراف الفاعلة في الحرب مختلفة تماما عن ما روجه الإعلام السياسي لكل من الشرعية والتحالف والحوثيين والكثير من وسائل الإعلام في الخارج.

لا ننسى أيضا موقف القوى العظمى وأجندتها ومصالحها وملفاتها.

2- تبقى العوامل والقوى الداخلية هي صاحبة الصوت الأكثر تأثيرا وفعلا.

3- مرحليا كان يبدو اتفاق الرياض وكذلك مشاورات الرياض وتنفيذها عاملا مهما لكل من التحالف والمجلس الانتقالي الجنوبي...لذلك سعت وتسعى كل من حكومة الشرعية والحوثيين إلى رفض وتعطيل تنفيذ هذا الاتفاق حتى لا يصبح اساسا لمشروع التسوية السياسية الشاملة...

4- في نهاية المطاف ولكن بعد "خراب مالطا" سيبقى حل عودة الدولتين المتعايشتين فيما بينهما ومع محيطهما العربي والدولي هو الحل النهائي والجذري والشامل والعادل للمشكلة اليمنية والإقليمية برمتها وعامل امن واستقرار للمنطقة والعالم كله.

5- من غير المستبعد أن البعض سيحاول تجريب خيار الاقليمين أو الثلاثة أو الأربعة...رغم ان هذا الخيار سيواجه بالرفض في كل من الجنوب والشمال...
أما الخيارات الأخرى بما فيها خيارات مراكز النفوذ في الشمال سواء الحاكمة في صنعاء أو المرتدين ثوب ا"لشرعية" للحل..فتعني الإصرار على استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى.

* باحث ومحلل سياسي وعسكري