تحليل: مكافحة الفساد المهمة التي لا تقبل التأجيل
مكافحة الفساد المهمة التي لا تقبل التأجيل
العميد الركن ثابت حسين صالح*
نواجه في حياتنا العامة والخاصّة مهام عاجلة ومهام آجلة ، مهام رئيسية ومهام ثانوية...وكلها تندرج في اطار التحديات يمكن أن تتحول إلى مخاطر وتهديدات.
المهام العاجلة تعني أنه من غير الممكن بل والمستحيل تأجيلها، لأن تأجيلها يعني تحولها إلى ظاهرة مستعصية الحل، وسيتطلب حلها لاحقا خسائر وتضحيات جسيمة.
بيت القصيد أن مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي وكل الجنوبيين والتصدي لمهمة مكافحة الفساد الذي قد استفحل فعلا ويكاد يستعصي على الحل ويصبح ظاهرة عامة...هي مهمة عاجلة لا تقبل أي تأجيل أو ترحيل.
ماهو الفساد؟
تعد ظاهرة الفساد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة لاسيما في العقود الأخيرة بالنظر لتوسعها و شدة انتشارها خاصة لدى الدول النامية، ونتيجة استفحال هذه الظاهرة بشكل مطرد جعلها مثار اهتمام الباحثين في مجالات الاقتصاد و القانون و علم السياسة و علم الاجتماع كما ظهرت منظمات عالمية وأخرى إقليمية ووطنية تعنى بمظاهر الفساد و مؤشراته بغرض الإلمام بأسبابه ومعرفة نتائجه و السعي إلى تصحيح آثاره في حدها الأدنى حفاظا على الاستقرار الاجتماعي. يتعلق الفساد بالانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية والمالية، وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام سواء كان عسكريا أم مدنيا أثناء تأديته لمهام وظيفته، كأن يقوم الموظف بقبول أو طلب ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة أو معاملة، هذا وغيره يؤدي إلى تفشي النتائج السلبية و الآثار المدمرة، فتطال كل مقومات الحياة لعموم أبناء الشعب، فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات، وبالتالي تشكل منظومة تخريب وإفساد تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم على مؤسسات ودوائر الخدمات العامة ذات العلاقة المباشرة واليومية مع حياة الناس.
فساد تراكمي:
صحيح أن ظاهرة الفساد في مجتمعنا هي نتاج سياسات نظام 7/7 بهدف تدمير وتخريب الاقتصاد والمجتمع والأخلاق والقيم...إلى درجة أن رئيس الحكومة اليمنية الأسبق والراحل عبدالقادر باجمال وصف الفساد ب"أنه ملح الحياة"...
وما أضيف إلى الفساد التراكمي من ممارسات فاسدة خلال فترة الحرب الاخيرة المستمرة منذ عام 2015م جعل الفساد يتضخم وينتشر نهارا جهارا، وبروائح كريهة تزكم الأنوف وفوق طاقة كل البشر، وخاصة بسطاء الناس الذين طحنتهم أثار هذه الفساد إلى جانب ما تعرضوا له جراء الحرب والارهاب والفوضى.
الفساد ضارب عروقه في كل مؤسسات الدولة من الرئاسة إلى الحكومة إلى المؤسسات العامة وكذلك في الاحزاب والتنظيمات والجماعات وحتى في مؤسسات القطاع الخاص...لكن المتضرر الأكبر منه هو شعب الجنوب الذي تتظاهر سلطة الشرعية والاحزاب ورجال الاعمال أنهم في عدن من أجل استعادة مؤسسات الدولة وتقديم الخدمات للمواطنين".
وحيث أن فاقد الشي لا يعطيه وأن شعب الجنوب هو ضحية هذا الفساد ...ولأن المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره مفوضا لتمثيل الجنوب وقيادته في الداخل والخارج...فقد حان الأوان اليوم وليس الغد أن يشرع في اتخاذ استراتيجية إجراءات عملية ملموسة وواضحة لمكافحة الفساد جنبا إلى جنب مع مواصلة الدفاع عن الجنوب ومكافحة الإرهاب والتصدي لحرب الخدمات والمرتبات والعملة والاسعار.
وبشكل عام فإن معركة الاقتصاد تدفع نفسها الآن إلى الواجهة.
الانتصار في هذه المعركة يبدأ بالحرب على الفساد.
في موضوع قادم إن شاء الله سأتحدث عن المزيد من التفاصيل والأفكار والآراء .
*باحث ومحلل سياسي وعسكري