تحليل: من المسؤول عن مكافحة الفساد وكيف ومن أين نبدأ؟
من المسؤول عن مكافحة الفساد وكيف ومن أين نبدأ؟
العميد الركن ثابت حسين صالح*
يرى البعض أن مكافحة الفساد، كما هو حال التعامل مع مشكلة الأراضي وملف الخدمات والمرتبات والنازحين... تحتاج إلى وجود دولة قائمة بكل مؤسساتها وذات سيادة.
وفي هذا الرأي شيئ من الصحة والمنطق.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين هي هذه الدولة؟
الدولة التي اقيمت بعد الوحدة بين اليمن الجنوبية واليمن الشمالية أخذت بعد حرب ١٩٩٤م بالأسوأ وليس بالأفضل وتماهت، بل ورعت الفساد في كل مؤسسات الدولة والمجتمع.
ناهيك عن أن هذه الدولة- على فسادها وهشاشتها- هي مرفوضة جنوبا ومنتهية شمالا بعد سيطرة الحوثيين...ودولة الجنوب لم تأت بعد.
حتى حكومة الشرعية التي جعل لها التحالف عدن "عاصمة مؤقتة" منذ أواخر عام 2016 لم تقدم شيئا يذكر للجنوب، بل زاد طين الفساد بلة في عهدها...ومن غير المنتظر منها مكافحة ما زرعته هي وسابقاتها من فساد.
وليكن واضحا أن هذه الحكومة حتى بعد اتفاق الرياض ما زالت تحت سيطرة قوى الشمال بما في ذلك الوزراء الجنوبيين الذين اختارتهم احزاب الشمال أو مكونات جنوبية موالية للشمال.
ومع إدراكنا أن الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي ما زال يواجه حرب الحوثيين والإخونج وحرب التنظيمات الارهابية وحروب الخدمات... فإن الجهة الوحيدة التي مؤمل منها إن تتبنى بعض خطوات عاجلة وتدريجية لوقف سرطان الفساد هو المجلس الانتقالي الجنوبي، إذا ما تم دعمه من قبل التحالف العربي الذي ما زال يمسك بملف الحرب والأزمة.
وليكون البدء أولا بخطوات تصحيحية جريئة ولكن مدروسة لمؤسسات الانتقالي المدنية والعسكرية، بحيث تشكل نموذجا للنزاهة والشفافية.
المجال الآخر الذي يمكن البدء به هو الوازرات الأربع أو الخمس وكذلك المؤسسات التي تديرها قيادات جنوبية وبالذات المحسوبة على الانتقالي.
الخطوة الأخرى هي أن تمارس قيادات الانتقالي ضغوطات قوية على مجلس القيادة والحكومة والوزارات والمؤسسات لالزامها باتخاذ خطوات ملموسة وواضحة للحد من الفساد ومصارحة الشعب والراي العام بأسماء الجهات والاشخاص الذين يعملون إجراءات مكافحة الفساد ويحمون الفاسدين.
وهذا يقتضي وقوف شعبي واسع ومن كل جنوبي وانضباط وجدية ومصداقية.
والموضوع بقية...
*باحث ومحلل سياسي وعسكري