تحليل: الاعلانات الحربية الحوثية في البحر الأحمر بين الدوافع والوقائع

السبت 24 فبراير 2024 13:13:12
تحليل: الاعلانات الحربية الحوثية في البحر الأحمر بين الدوافع والوقائع

الاعلانات الحربية الحوثية في البحر الأحمر بين الدوافع والوقائع

ثابت صالح*

الضربات التي وجهها الطيران الأمريكي على أهداف حوثية لها هدفان معلنان:
أولاً: ردع الحوثيين واثنائهم عن تنفيذ هجمات أو قرصنات مستقبلية على السفن التجارية في البحر الأحمر.

ثانياً: إضعاف القدرة العسكرية للحوثيين إلى درجة يصبحون معها إما غير راغبين أو غير قادرين على تنفيذ المزيد من الهجمات في البحر الأحمر.

المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن ليندركينغ بدوره لخص هذه الفكرة مؤخراً، بخيار بسيط : "يمكن للحوثيين الاستمرار في القيام بذلك أو يمكنهم التوقف ويمكننا العودة إلى السلام".

لكن هناك شك أقرب إلى اليقين أن الولايات تود فقط ردع الحوثيين وليس هزيمتهم أو حتى إضعافهم.

أما الحوثيون فلهم نظرة أخرى وأهداف أخرى سياسية ومعنوية واقتصادية كجزء من مشروع سياسي أوسع يعود إلى عقود مضت.

وهذا يعني أن النهج الأمريكي الحالي القائم على الردع والإضعاف من غير المرجح أن ينجح للأسباب التالية:

أولاً: لن يتم ردع الحوثيين لأنهم يريدون هذه المواجهة مع الولايات المتحدة. الحرب مفيدة للحوثيين لأسباب إقليمية ومحلية.

فعلى الجانب الإقليمي، يسمح هذا الصراع للحوثيين بتلميع أوراق اعتمادهم لمواقفهم الزاعمة في تأيبد الفلسطينيين، وهو ما يعزز بدوره شعبيتهم المحلية.

ويظهر الحوثيون أيضًا أهميتهم بالنسبة لإيران من خلال التصعيد مع الولايات المتحدة بطريقة تمنح إيران إمكانية الإنكار المعقول، وتحميها في نفس الوقت من الضربات الانتقامية المحتملة.

ثانيا على الجبهة الداخلية، لدى الحوثيين سبب سياسي واقتصادي لمواصلة اعلانات هذه الحرب مع الولايات المتحدة.

فمن الناحية السياسية، يمكن للحوثيين استخدام هذا الصراع لتعزيز قاعدة دعمهم المحلية من خلال:

١- ربط تحركاتهم بما يحدث في غزة، ليكتسب الحوثيون المزيد من المؤيدين.
٢- يتخذ الحوثيون من هذا الصراع ذريعة لإسكات الانتقادات والمطالبات الداخلية المتزايدة من خصومهم السياسيين المحليين...بمبرر أن الحوثيين يحاربون الولايات نيابة عن الفلسطينيين.

٣- من خلال هذه الاعلانات الحربية مع الولايات المتحدة، يمكن للحوثيين الاستفادة من تصوير أنفسهم كمدافعين عن اليمن، وهي خطوة استخدمتها الجماعة لصالحها خلال السنوات الماضية ضد دول التحالف العربي وخاصة السعودية والإمارات.

ولكن الأكثر أهمية في حسابات الحوثيين هو الزاوية الاقتصادية. الحوثيون يسيطرون على الشمال الاكثر سكانا من الجنوب الخارج عن سيطرتهم ويسيطر على الجزء الأكبر منه المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف والشرعية.

لكن ما لا يملكه الحوثيون هو القاعدة الاقتصادية التي تسمح لهم بالحكم لسنوات قادمة.

حيث تتركز حقول النفط والغاز هذه في مأرب التي لم بسيطروا عليها بعد وكذلك في شبوة وحضرموت الجنوبيتين.

لكن الحوثيون لديهم مواني الحديدة والصليف وراس عيسى التي ظلت تمدهم بكثير من أسباب البقاء ناهيك عن موارد مركزية كثيرة تركتها سلطة الشرعية لهم.
حاول الحوثيون الاستيلاء على مأرب منذ سنوات، وفي كل مرة يتم صدهم عن طريق مزيج من القوة الجوية للتحالف والمقاومة القبلية المحلية.

ومع اقتراب المصالحة مع السعودية وتحول السعودية إلى وسيط بين الحوثيين والشرعية من نهايتها...كانت الجماعة بحاجة إلى صراع آخر لتحقيق أهدافها السيايية والاقتصادية.

ويراهن الحوثيون على أنه من خلال توسيع نطاق الصراع في اليمن، وهذه المرة ضد الولايات المتحدة، يمكنهم في نهاية المطاف الاستيلاء على مأرب...رغم أن هذا الهدف ما زال صعبا أو بعيد المنال.
والخلاصة أن الحوثيين يعتقدون أن أفتعال الحروب هي الوسيلة الناجحة لسيطرتهم على الشمال الذين لم يهزموا فيه...لكنهم تناسوا أنهم هزموا على أيدي المقاومة الجنوبية رغم فارق الامكانات.

ويعلمون جيدا أن لا حرب حقيقية لهم لا مع المعارضة المفترضة في الشمال ولا مع التحالف العربي ولا مع إسرائيل أو أمريكا.

ما يمكن ويتوقع أن يقوم به الحوثيون هو الاستمرار في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن التجارية في البحر الأحمر، وهذا في نظرهم امام أنصارهم نصر على الولايات المتحدة وبريطانيا...الخ.

*باحث ومحلل سياسي وعسكري