تحليل: من أجل جيش جنوبي نظامي
من أجل جيش جنوبي نظامي
ثابت حسين صالح*
مما لا شك فيه أن إنشاء وحدات عسكرية وأمنية جنوبية يعتبر من أهم المكاسب التي تحققت للجنوب خلال السنوات الماضية.
هذه الوحدات ادت دورا بطوليا مشهودا في الدفاع عن أراضي الجنوب ودعم عمليات التحالف العربي والتصدي لكل محاولات الغزاة الجدد وافشال مؤامراتهم التي كان عنوانها العريض وما زال إفساد نصر الجنوب على الحوثيين وأعوانهم وتعطيل وعرقلة كل عمليات البناء أو الإصلاح داخل البيت الجنوبي.
ولم يكن تأسيس هذه الوحدات بالأمر الهين أو السهل، بل مر بمخاض عسير تعود بعض أسبابه إلى ماهو موضوعي متصل بحجم وعدة وعدد الخصوم الذين وحدتهم قواسم مشتركة ضد الجنوب رغم ادعائهم الصراع فيما بينهم.
وبعض هذه الأسباب كانت ذاتية تتصل بالأخطاء التي رافقت إنشاء وتطور هذه القوات الجنوبية.
واذا كنا نستطيع أن نبرر ونعتبر مثل تلك الأخطاء ناتجة عن الظروف التي نشأت فيها تلك الوحدات وهي ظروف الحرب والتي تشكلت أساسا من المقاومين الجنوبيين والكثير منهم كانوا متطوعين، ملبين لنداء الوطن من المدنيين في الداخل والخارج...فإن استمرار مثل تلك الأخطاء بعد مرور عدة سنوات على إنشائها، لم يعد مقبولا الآن أو مبررا بأي شكل من الأشكال....
ومن هذه الأخطاء على سبيل المثال لا الحصر: حالات التسيب والاهمال والفوضى والاحتكاكات والتداخلات والتضارب في الصلاحيات والمهام...والأسوأ من كل ذلك حالات الفساد بمختلف أنواعه ومظاهره واشكاله.
من أجل ذلك ننتظر إعادة أو استمرار عملية هيكلة هذه القوات على أسس علمية وطنية بما يستجيب لمتطلبات بناء جيش نظامي وأمن محترف.
وهذا لن يتحقق إلا بوجود قادة يتحلون بأعلى درجات النزاهة والكفاءة والتأهيل يقومون بهذه المهمة ويقودون هذه الوحدات المنظمة والمنضبطة، ووجود هيئة أركان وعمليات تتولى القيادة والسيطرة وتكون مسؤولية عن جاهزية هذه القوات، ومساءلة ومحاسبة عن أي أخطاء أو تقصير أو فشل.
سيقول البعض أن تحول هذه القوات إلى جيش نظامي لن يتم إلا بعد الاستقلال وفي ظل دولة...وأنا أقول إن هذا القول هو عذر أقبح من ذنب...لأن الزمن يسير إلى الإمام ولا ينتظر احدا كي يصلح حاله.
"إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم "
صدق الله العظيم.
*باحث ومحلل سياسي وعسكري