تحليل: كيفية التعامل مع المعارك الجانبية؟

الثلاثاء 16 إبريل 2024 16:32:26
تحليل: كيفية التعامل مع المعارك الجانبية؟

كيفية التعامل مع المعارك الجانبية؟

ثابت حسين صالح *

المتتبع للقضايا الداخلية يجد أن من أهم المعوقات للوصول إلى حلول لكثير من المسائل وللبناء هي افتعال المعارك الجانبية والمعارك الوهمية التي تثار هنا وهناك كلما اقتربنا من تحقيق الهدف أو الوصول للحل أو حتى تحققت بعض الانجازات والنجاحات...

افتعال المعارك الجانبية هدفه استنزاف الجهد والطاقة فيما يفرق الصف ويضعف الجميع...على حساب الأهداف الكلية الجامعة..

هذا العمل تقوم به فِرق متخصصة لإثارة المعارك الجانبية والمعارك الهامشية من أجل تشتيت الأفكار وتقليل التركيز على أهدافنا الأساسية...

وإذا قررت أن تتبع من يفتعل المعارك الجانبية تجد أن افتعالها وإثارتها لم يكن غالباً بالصدفة، بل أن وراء افتعال المعارك الجانبية وإثارة القضايا الهامشية المشتتة للأفكار أهدافاً ومصالح شخصية أو سياسية خبيثة.

المحزن حقاً أنه غالباً ما ينجح من قام بافتعال هذه المعارك الجانبية وإثارة القضايا الهامشية بالوصول لهدفه...

غالبية دول وحكومات ومؤسسات العالم تعاني من القضايا والمعارك الجانبية والهامشية التي تحاول أن تعرقل مسيرتها ويحاول مثيروها الحصول على مصالح شخصية أو سياسية غير مستحقة.

بالمقابل نرى أن أحد أهم أسباب نجاح الدول المؤسسية الراسخة هو عدم اكتراثها بهذه المعارك الجانبية وتركيزها العالي على تحقيق أهدافها، والأهم هو عدم رضوخها لمن يفتعل هذه المعارك الجانبية والهامشية، فأصبحت هذه الحكومات تمتلك زمام الأمور وتقود المشهد من أجل الارتقاء بالبلد قدما.

أما في بلدنا فكلما تم تجاوز معركة مفتعلة نراهم يفتعلون مزيدا من المعارك الجانبية، وفنون الفهلوة والتذاكي والكيد السياسي الرخيص.

يفتحون منافذ جديدة للشقاق، وتلقف كل شائعة، ونبش كل جرح ..

المرابطون في نوافذ التواصل الاجتماعي خاصة وبعض قنوات البث الفضائي، يتمترسون خلف كل فرية، ويوسعون من دوائر الخلاف، ويضخموا كل الأخطاء صغيرها وكبيرها، قديمها وحديثها.

يشيطنون البريء ويتجمهرون خلف مشاريع التدمير، ويسبحوا بحمد كل من يتفنن في إثارة الزوابع، وتجريف الايجابيات، وإطالة أمد الحرب والأزمات..

يتحرك البعض وفق مبدأ افتعال المعارك الجانبية، باعتباره ”الزاد“ و”الاوكسجين“ و"الهواية"الذي يمده بالحياه، الامر الذي يدفعه للاستماتة في سبيل ابقاء جذوة نيران العداء، مستعرة في النفوس على الدوام، بحيث يعمد لاختلاق الكثير من المشاكل، والعديد من الاحداث، للوصول الى مرحلة قطع حبائل الود، والوئام داخل البيئة الاجتماعية والوطنية.

هذه الشريحة تحاول التستر وراء الاهداف الخاصة، باطلاق العبارات المعسولة والكثير من الوعود البراقة، بغرض احداث اختراق حقيقي في المجتمع، للحصول على الثقة في البداية قبل الشروع، في ترجمة مخططات اثارة الخلافات الداخلية، مما يدفعها لاستخدام مختلف الاساليب القذرة، لاحدث حالة من العداء في البيت الواحد، وبالتالي فانها تتحرك وفق اليات ومخططات قائمة على ”فرق تسد“، خصوصا وان التماسك الداخلي يعرقل الاهداف الشخصية والحزبية والخارجية المعادية الساعية للصعود، والاستفادة من صلاحيات الواجهة الاجتماعية.

اثارة النعرات والاحقاد على اختلافها، تمثل الطريقة المستخدمة في تخريب السلم الاهلي، ”الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها".

ما الحل؟

تبدأ المعارك الجانبية عادة بترويج الشائعات وإعادة نشر الأخبار دون تثبت، وهو مرض اجتماعي، يترتب عليه مفاسد ومتاهات، عديدة نحن في غنى عنها.


من أجل مواجهة هذه المعارك الجانبية المفتعلة ينبغي على وسائل الاعلام ومراكز الدراسات وعلينا جميعا الاعتماد على متخصصين وخبراء في هذا المجال واتباع عدد من الاستراتيجيات منها:

1- تجنب ترويج معلومات من مصادر غير موثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي.

2- لا يجب أن تستجب بسهولة لأي أقوال تردد من حولك أو يبدو عليك التأثر.

3- لا تحاول إحباط شائعة أو معلومة غير صحيحة بترويج معلومات مضادة.

4- عند الاستفسار عن أي معلومات، تعامل مع أصحاب الصلة بالموضوع.
5- إذا كنت قادراً على تقديم أدلة تفسد الشائعة، فافعل ذلك أو التزم الصمت.

6- إذا كان لديك فضول سماع أي أخبار، فلا تبني موقفك بناء على ما تسمعه فقط.

7- تحلى بشفافية كبيرة لقتل الشائعات وتجنب الغموض...كي لا تفتح المجال لإطلاقها.

8- عليك أن تحرص على ما هو في حكم "سري"، وأنك لا يجب أن تطلع عليها جميعاً أو تطلق الشائعات عنها.

9- توقف عن التكهن بما لا تعرفه، لأن انتقال الكلام يحوله إلى شائعة تضر بمن حولك.

10- تأكد أن الهدف من الشائعة مصالح فردية أو حزبية أو جهات معادية لزعزعة وفكفكة الصفوف الوطنية.

12-ضرورة توفير بيئة عمل إعلامية تتسم بالشفافية وإتاحة المعلومات من مصادرها الموثوقة

13– الاهتمام بوضع الضوابط القانونية لمواجهة الشائعات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتم من خلال وضع استراتيجية أمنية شاملة بمنهج متكامل لتتبع الشائعات ونشر الحقائق للجمهور، وذلك من خلال دور وسائل الإعلام في التصدي للشائعات والأجهزة الأمنية من جهة والمؤسسات التشريعية والقضاء من جهة أخرى.

14– تطبيق نماذج لتتبع سرعة انتشار الشائعات من خلال بعض المواقع الأكثر استخدامًا لدى المستخدمين مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب.
والموضوع بقية...

*باحث ومحلل سياسي وعسكري

الدراسات والتحليل

الأحد 28 إبريل 2024 21:14:24
الأحد 21 إبريل 2024 13:51:18