إرهاب الحوثيين ضد الحقوقيين وعاملي المجتمع المدني.. تقرير يفضح انتهاكات وحشية
فضح تقرير حقوقي دولي حديث، حجم ممارسات القمع التي تمارسها المليشيات الحوثية ضد المعتقلين في سجونها.
الحديث عن تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، قالت فيه إنه يجب على المليشيات الحوثية أن تفرج فورًا عن 13 من موظفي الأمم المتحدة و14 على الأقل من العاملين في منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، الذين لا يزالون محتجزين تعسفيًا منذ شهر كجزء من حملة القمع المستمرة ضد المجتمع الحقوقي والإنساني.
وكانت المليشيات الحوثية قد أقدمت في أوائل يونيو الماضي، على شنّ سلسلة من المداهمات في محافظات صنعاء والحُديدة وحجة، واعتقلت ما لا يقل عن 27 موظفًا، أربع نساء و23 رجلًا، يعملون في وكالات الأمم المتحدة وما لا يقل عن سبع منظمات مجتمع مدني محلية ودولية وأخذتهم من منازلهم أو مكاتبهم.
ولم تكشف المليشيات الحوثية لعائلات الموظفين المحتجزين عن مكانهم، وهم يقبعون بمعزل عن العالم الخارجي ويُحرمون من حقهم بالاستعانة بمحامٍ أو الاتصال بعائلاتهم.
من جانبها، قالت ديالا حيدر الباحثة المعنية بشؤون اليمن في منظمة العفو الدولية، إنَّ هذه الموجة المخيفة من الاعتقالات التي تستهدف المجتمع الحقوقي والإنساني هي تذكير صارخ آخر بالمدى الذي يمكن أن تذهب المليشيات الحوثية إليه في حملتها القمعية ضد المجتمع المدني.
وأضاف أن هذه المداهمات ستؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والحقوقي الخطير والمتدهور أصلًا، نظرًا لأن العديد من المعتقلين كانوا يعملون على تقديم المساعدة أو توفير الحماية لمن هم في أمس الحاجة إليها.
وشددت على أنه يجب على المليشيات الحوثية أن تفرج فورًا عن جميع موظفي الأمم المتحدة والعاملين في منظمات المجتمع المدني الذين احتجزوا لمجرد ممارسة عملهم في المجالَيْن الحقوقي والإنساني، ووضع حد لحملتها القمعية المستمرة ضد ممارسة الحق في حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.
في الفترة ما بين 31 مايو و9 يونيو الماضيين، توافد أفراد من المليشيات الحوثية بأعداد كبيرة إلى مكاتب ومنازل الموظفين المحتجزين، وأغلقوا في بعض الحالات أحياءً بأكملها.
وخلال المداهمات، أقدمت المليشيات الحوثية على تفتيش مكاتب ومنازل المحتجزين، بجانب مصادرة وتفتيش الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأقراص الصلبة والوثائق والصور الشخصية وتلك المتعلقة بالعمل.
بالإضافة إلى ذلك، احتُجز ما لا يقل عن ثلاثة من أفراد أسر الموظفين – من بينهم طفلان – لمدة 10 أيام على الأقل.
كما استدعت قوات الأمن الحوثية واستجوبت عاملين في منظمات المجتمع المدني التي تمت مداهمة مقراتها لساعات طويلة حول عملهم وارتباطاتهم ببلدان أجنبية.
ووُضع ما لا يقل عن أربعة موظفين قيد الإقامة الجبرية أو أرغموا على توقيع تعهدات بعدم مغادرة صنعاء.
وأجرت منظمة العفو الدولية، مقابلات مع 10 أفراد، من بينهم محامون وخبراء في المجاليْن الحقوقي والإنساني، ممن لديهم معرفة بالوضع على الأرض.
وأثارت موجة الاعتقالات الحوثية الخوف في قلوب العاملين في منظمات المجتمع المدني الذين يشعرون بخطر تعرضهم للاعتقال والانتقام بسبب قيامهم بعملهم.
وتزامنت الاعتقالات مع حملة إعلامية مستمرة تقودها المليشيات الحوثية، تتّهم المنظمات الإنسانية وموظفيها بالتآمر، ضد مصالح البلاد من خلال مشاريعهم.
وقال أحد الخبراء: "نخشى أن نلقى المصير نفسه. هناك قرار بإغلاق الحيز المدني.. الحوثيون يتهربون من المسؤولية عن تدهور الظروف المعيشية في ظل حكمهم من خلال جعل منظمات المجتمع المدني كبش فداء واتهامها بالتآمر ضد البلاد".
وفي أعقاب الاعتقالات، أعلن جهاز الأمن والمخابرات التابع للمليشيات الحوثية في 10 يونيو الماضي، اكتشاف ما سماها شبكة تجسس.
وبعد يومين، بثت قناة المسيرة، التابعة للحوثيين، مقطع فيديو يُظهر مجموعة مختلفة من المحتجزين الذين قبض عليهم بين عامَيْ 2021 و2023 واحتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي منذ ذلك الحين، وهم يعترفون بالتجسس.
وأكّد التقرير أن المليشيات الحوثية تملك سجلًا حافلًا في استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات، مما يثير مخاوف من أن يكون هؤلاء المحتجزون قد أدلوا بهذه الاعترافات بالإكراه.
ويقوّض بث الاعترافات القسرية حقوق المحتجزين في افتراض البراءة والحق في عدم تجريم الذات، وفق التقرير.
وسبق أن استهدفت المليشيات الحوثية، العاملين في المجالَيْن الحقوقي والإنساني من قبل.
ولا يزال أربعة من موظفي الأمم المتحدة اليمنيين العاملين في مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان واليونسكو الذين اعتقلوا في عامي 2021 و2023 محتجزين تعسفيًا وبمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالهم.
وفي سبتمبر 2023، اعتقلت المليشيات الحوثية هشام الحكيمي مدير قسم السلامة والأمن في منظمة أنقذوا الأطفال، واحتجزوه بمعزل عن العالم الخارجي. وتوفي في 25 أكتوبر بينما كان لا يزال قيد الاحتجاز التعسفي.
كما تواصل المليشيات الحوثية تقييد حركة التنقل وإيصال المساعدات، ومن بين ذلك عبر فرض قيود بيروقراطية مثل تأخير الموافقات، ورفض أو تأخير إصدار تصاريح السفر، وإلغاء المبادرات الإنسانية، والتدخل في تصميم مشاريع الأنشطة الإنسانية وتنفيذها وتقييمها، وفرض شرط المحرم على العاملات اليمنيات في المجال الإنساني اللواتي يتنقلن ضمن البلاد.
ومنذ عام 2015، توثّق منظمة العفو الدولية حالات عشرات الأشخاص من ضمنهم صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وخصوم سياسيون وأفراد ينتمون إلى أقليات دينية أُخضِعوا لمحاكمات جائرة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء بتهم تجسس ملفّقة، يعاقب عليها بالإعدام إلزاميًا بموجب القانون.
وفي جميع هذه الحالات، بدا أن المليشيات الحوثية وجّهت التهم كوسيلة لاضطهاد المعارضين السياسيين وإسكات المعارضة السلمية.
وفي 1 يونيو الماضي، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على 44 شخصًا بالإعدام بتهم تجسس ملفقة عقب محاكمة جماعية جائرة.
وحُكم على 16 شخصًا منهم غيابيًا، بينما مَثُل 28 أمام هذه المحكمة.
ووفقًا لمحاميهم عبد المجيد صبره، تعرض الـ 28 شخصًا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لانتزاع اعترافات، واحتجزوا في الحبس الانفرادي واختفوا قسرًا لمدة 9 أشهر بعد القبض عليهم.
واختتمت ديالا حيدر حديثها بالقول: “تعمل السلطات الحوثية في ظل إفلات تام من العقاب وتجاهل لسيادة القانون.
فبدلًا من تهديد وعرقلة العاملين في المجالَيْن الحقوقي والإنساني، يجب على المليشيات الحوثية تسهيل عملهم وحركة المساعدات حتى يتمكنوا من الوصول إلى ملايين الأشخاص الذين يحتاجون حاليًا إلى المساعدات الإنسانية والحماية.
كما يتعيّن عليهم التوقف عن استخدام النظام القضائي كأداة للقمع السياسي.
ينضم هذا التقرير إلى سلسلة طويلة من صنوف التوثيق للجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية، على مدار الفترات الماضية، والتي طالت الحقوقيين على صعيد واسع.
ويُشدد محللون، على ضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة من الضغط على المليشيات لضمان وقف هذه الجرائم التي تتوسع فيها المليشيات الإرهابية المدعومة من إيران.