تحليل: هل انتهت الحرب (الحلقة الثالثة والأخيرة)
هل انتهت الحرب (الحلقة الثالثة والأخيرة)
ثابت حسين صالح*
في الحلقتين السابقتين حاولنا تقديم قراءة سريعة مركزة لتداعيات إعلان المبعوث الاممي حول البنك والطيران ومواقف كل من الحوثيين والشرعية والمجتمع الدولي والتحالف.
في هذه الحلقة الأخيرة نحاول أن نقرا موقف وخيارات الجنوب بقيادة الانتقالي للتعامل مع هذه الصفقات والتطورات حاضرا ومستقبلا.
أعتقد أن الانتقالي قد كون رؤية مكتملة حيال التعاطي مع التطورات السياسية الجارية والمرتقبة في الملف اليمني عامة والجنوبي خاصة، وقد أجرى مشاورات مكثفة داخل الفريق الجنوبي المكون من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الأربعة المنتمين إلى الجنوب، لبلورة تلك الرؤية، بالتوازي مع حوارات يجريها عبر فريق خاص من المجلس لتقريب وجهات النظر مع المكونات والقوى والشخصيات الجنوبية الأخرى.
وعمل الانتقالي على تعزيز تواجده السياسي والعسكري في محافظات الجنوب منذ تأسيسه في 2017، كما أطلق مسارا للتواصل مع كافة القوى والمكونات الجنوبية الفاعلة، بالتوازي مع عملية إصلاح داخلي لمؤسسات المجلس السياسية والعسكرية والأمنية، لمواجهة التحديات التي تلوح في الأفق وفي مقدمتها سعي بعض الأطراف اليمنية لتقويض المجلس عبر تحريك أيادي جنوبية واختلاق أخرى بهدف حرف مسار الحرب.
الانتقالي الجنوبي صار جزءا من العملية السياسية في اليمن منذ مشاركته في حكومة المناصفة ثم مجلس القيادة الرئاسي، لكنه ظل وسيظل الرقم الصعب والاهم في أي تسوية سياسية أو حرب قادمة.
الانتقالي يضع القضية التي يتبناها -وهي قضية شعب الجنوب- على الأولويات.
دعم المجلس قرارات محافظ البنك المركزي وشركة اليمنية باعتبار تلك الإجراءات كانت ستخدم شعب الجنوب اقتصاديا ولو على المدى البعيد، وتضعف في نفس الوقت من قدرات الحوثيين على تمويل هجماتهم واعتداءاتهم.
وعارض بشدة أي تراجع عن هذه القرارات، مثلما عارض اتفاق استوكولهم.
اما موقفه من عملية السلام فيتحدد بمدى احترام الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية لتعهداتها والالتزام بمخرجات مشاورات الرياض التي تضمنت "وضع إطار خاص واضح لحل قضية الجنوب في مفاوضات الحل النهائي”.
لكن ما هي الضمانات لهذا؟ يملك الانتقالي الكثير من عوامل القوة، منها سيطرته الميدانية التي تترسخ يوميا والقوات المسلحة التي يمتلكها، والتأييد الشعبي الذي يحظى به جنوبًا رغم المكائد والوسائل.
الجنوب بقيادة الانتقالي هو الطرف الوحيد الذي حقق انتصارات ملموسة وحاسمة على الحوثي وعلى جماعات الإرهاب، كل هذه وغيرها أوراق قوة في صالح الانتقالي سيستفيد منها بالتأكيد للتعامل مع اي تطورات بما فيها أي مفاوضات قادمة.
وفي حال لم تلتزم الأطراف الشمالية، سواء كانت في الشرعية أو ضمن الحوثيين، بتعهداتها ستكون للانتقالي خياراته الضرورية المناسبة.
يراهن المجلس الانتقالي كذلك على توسيع قاعدته السياسية من خلال ضم فصائل وشخصيات جنوبية إلى المجلس، وترقب التحولات المحلية والإقليمية والدولية في ظل مؤشرات على تحديات قادمة يمكن أن تعرقل مسار التسوية السياسية مع الحوثيين أو تبطئه، بالنظر إلى حجم التعقيدات التي تحيط بملف الحرب في اليمن.
الانتقالي يبدي مرونة وحكمة محسوبة له لا عليه لإنجاح مهام تفكيك عقد الحرب في اليمن وإحياء المسار السياسي، الذي يوصل في نهاية المطاف إلى حل الدولتين، كحل نهائي وجذري شاملا وعادلا.
المطلوب من كل الجنوبي دعم خيارات شعب الجنوب التي يتمسك بها المجلس الانتقالي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي، ورفع حالة اليقظة السياسية والامنية والانضباط العالي لمواجهة كافة التحديات والضغوطات والتداعيات.
*باحث ومحلل سياسي وعسكري