تحليل: الخدمات مقابل القبول (2)
الخدمات مقابل القبول (2)
ثابت حسين صالح*
اشتدت حرب الخدمات على الجنوب بشكل أكبر من ذي قبل بعد الإعلان عن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 4 مايو 2017م.
لقد رأى خصوم الجنوب في تأسيس هذا المجلس نهاية لاستخدامهم ورقة تعدد وصراع المكونات والتفريخات ومتاهات تمثيل الجنوب...التي ظلوا يلعبون عليها منذ انطلاق مسيرة الحراك الجنوبي السلمي.
استطاع المجلس في فترة قياسية تجاوز كل الضغوطات وحملات الحرب النفسية، وفرض نفسه ممثلا لشعب الجنوب.
لهذا شرع المجلس فورا في كشف فساد سلطة الشرعية وسياستها التآمرية والتجويعية تجاه شعب الجنوب وتم الاطاحة بحكومة بن دغر، وفي مرحلة لاحقة تم إعلان الإدارة الذاتية بهدف تمكين عدن وبقية محافظات الجنوب من تسخير ايراداتها لمواجهة متطلبات المرتبات والخدمات...
لكن هذه الخطوة نظر إليها على أنها لم تكن مدروسة ومعدة بما يكفي من الشروط والمقومات الضرورية...ولذلك تم تجميد العمل بها مقابل وعود قطعتها حكومة الشرعية والتحالف في اتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة ومستمرة لحلحلة مشكلة الخدمات التي كانت تتفاقم عاما بعد آخر.
ومارس الانتقالي ضغوطات قوية وفعالة مصحوبة بتقديم تصورات عملية إلى الحكومة ،لكن الأخيرة ظلت تماطل في تنفيذها مما زاد الوضع تعقيدا.
وحين كانت الحكومة ترضخ لتنفيذ بعض الإجراءات الإصلاحية مثل تلك التي أقدم عليها البنك المركزي ووزارة النقل خلال هذا العام...كانت تأتي متأخرة وغير معززة بمواقف واضحة من قبل الجناح الشمالي في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة.
السياسات المهادنة للرباعية تجاه الحوثيين من ناحية، والمتشددة في نفس الوقت ضد المجلس الإنتقالي، من ناحية أخرى، ضاعفت من معاناة شعب الجنوب من حرب الخدمات التي تشارك فيها جهات عدة في الداخل ومن الخارج.
واجه ويواجه المجلس الانتقالي الجنوبي تحديات خطيرة تتطلب منه اللجوء إلى خيارات صعبة عليه أن يقدم عليها لانقاذ شعب الجنوب من سياسات العقاب الجماعي لاغراض سياسية لا تخدم سوى مشاريع قوى الفساد والفشل وتجار الحروب والأزمات.
*باحث ومحلل سياسي وعسكري