حالة فصام

لست فقيها في علم النفس، لكننا نعرف، كمعلومات عامة، ان حالة الفصام هي ضرب من تعدد السلوك الذي يصل حد التناقض، وهي حالة تصيب الافراد عادة، لكننا في الجنوب نلمس حالة فصام تصيب القوى والمكونات للأسف، ومع ذلك يعاني منها بعض افراد النخبة الذين تقع عليها مسؤولية صناعة وعي المجتمع.

لا يخلو اي محفل جنوبي من الحديث عن ضرورة الحوار والتوافق الجنوبي، ووجهت لهذا الهدف الدعوات وعقدت الورش والندوات وتناولت قيمة الحوار واهميته كتابات وخطب وغير ذلك، لكن ما نقرأه في وسائل التواصل وحتى بعض الخطب والكتابات الصحفية من إساءات، بعضها يخرج عن اللياقة وادب الحديث، لا يخدم هذه الغاية ولا يؤسس لحوار وتقارب جنوبي، ولسنا بحاجة الى ذكر امثلة فوسائل التواصل تعج بما لا يحصى.

نعلم ان هناك من يستهدف وحدة الجنوبيين، وتوافقهم في حالة تباينت رؤاهم، ونعلم ان هناك من نذر نفسه لخلق شروخ بين الجنوبيين بأسماء معلنه او مستعارة او مزورة او وهمية، لكن ان تأتي الإساءة لبعضنا من شخصيات نخبوية جنوبية يشار لها بالبنان من سياسيين واكاديميين ومثقفين وكتاب واعلاميين ومن على شاكلتهم فهذا هو الفصام بعينه.

الحوار قيمة انسانية رفيعة ما ترسخت في مجتمع الا نهضت به ولا غابت عن مجتمع الا ووصل الى التشظي والتناحر والاقتتال، ولنا في ماضي الجنوب القريب ما يغنينا عن الاستشهاد، ويكفي ان نتائج غياب الحوار هي ما اوصلنا الى الحضيض الذي نعاني منه اليوم.

ان الاوان لأن نفيق من حالة الفصام التي نعيشها وان نغادر ثقافة الصراع الى رحاب ثقافة المصلحة في وطن يحمينا ونحميه ويحتضن احلامنا واحلام ابناءنا واحفادنا، وان نجسد التصالح والتسامح في الواقع.

فهل نفعل ذلك قبل فوات الاوان؟.