واشنطن تحاصر الحرس الثوري وحزب الله.. ألم يحن الدور على الحوثيين؟
كثّفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الضغط على النظام الإيراني ومليشياته التي تعيث في أرض الشرق الأوسط قتلاً وفساداً، ما يؤشر إلى تأثير واضح على مليشيا الحوثي الانقلابية.
الأسبوع الحالي شهد تصعيداً أمريكياً على مليشيات إيرانية، فيوم الاثنين الماضي أعلنت إدارة ترامب تصنيف الحرس الثوري الإيراني كـ"منظمة إرهابية خارجية"، وأكّد الرئيس الأمريكي أنّ هذه الخطوة غير المسبوقة التي قادتها وزارة الخارجية، تظهر حقيقة أنّ إيران لا تدعم الإرهاب فقط بل أن الحرس الثوري الإيراني يشارك ويمول ويستخدم الإرهاب كأداة في عملية إدارة الدولة.
وأضاف أنّ خطة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، هو الأول من نوعه من قبل أمريكا تجاه فرع من حكومة أخرى، لكنه يستند إلى أن تصرفات إيران تختلف بجوهرها عن تصرفات الحكومات الأخرى.
وشدد الرئيس الأمريكي على أن هذه الخطة ستزيد من حجم الضغط المفروض من قبل واشنطن على النظام الإيراني، وتوضح مخاطر التعاون الاقتصادي أو دعم الحرس الثوري الإيراني، وتابع: "إذا كنت تتعامل مع الحرس الثوري الإيراني اقتصاديا، فأنت تمول الإرهاب".
وتوجّه هذه الخطة رسالة مباشرة لطهران، مفادها بأنَّ لدعم الإرهاب عواقب وخيمة بحسب ترامب الذي أكد مواصلة الضغط على النظام الإيراني اقتصادياً وتحميله أعباء إضافية بسبب دعمه المتواصل للإرهاب، حتى يكف عن سلوكه "المؤذي والخارج عن القانون"، على حد تعبيره.
بعد ثلاثة أيام فقط، فرضت واشنطن عقوبات على شبكة لبنانية؛ لاتهامها بتبييض أموال تجارة المخدرات لصالح مليشيا حزب الله الموالية لإيران.
وتضمّن القرار الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية، إدراج قاسم شمس وشركته للصرافة التي تُدعى "شمس للصيرفة" على قائمتها السوداء، وذلك لتورُّطها في تبييض عشرات ملايين الدولارات من أموال المخدرات شهريًّا وتسهيل نقل الأموال لميليشيا حزب الله.
و"شمس للصرافة" شركة مرخصة من مصرف لبنان المركزي، أسّسها قاسم شمس نائب رئيس بلدية شتورة وإخوته الستة منذ نحو 40 عامًا، وتنشط في دول الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وأستراليا والبرازيل وكولومبيا وفنزويلا.
وجاء في الاتهام الأمريكي الصادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة: "ينقل قاسم شمس وشبكته الدولية لغسل الأموال عشرات الملايين من الدولارات شهريًّا من عائدات المخدرات غير المشروعة نيابة عن أصحاب المخدرات ويسهلون تحركات الأموال لحزب الله".
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي زار بيروت في مارس الماضي، أنَّ حزب الله جماعة إرهابية تُشكِّل خطرًا على اللبنانيين، مشيرًا إلى أنّ الشعب اللبناني لا يريد ذلك.
كما صرح بومبيو، الاثنين الماضي، بأنّ الحرس الثوري (المدرج أمريكيًّا على قائمة الإرهاب) يدعم ميليشيا حزب الله في لبنان، وأضاف: "خلال زيارتي الأخيرة لبيروت، أوضحت للمسؤولين (هناك) ومن بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري أننا لن نتحمل استمرار صعود حزب الله في لبنان وعليهم أن يواجهوا هذا الحزب الذي يعمل مع إيران وهو ليس حركة سياسية بل جماعة مسلحة".
تضييق الخناق على إيران عبر معاقبة مليشياتها الإرهابية أعاد الحديث عن إمكانية أن ينضم الحوثيون إلى القائمة، سواء بإدراجها على قائمة الإرهاب أو فرض عقوبات على قادتها.
وما يعزّز من هذا الاحتمال هو تصريح لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أمس الأول الأربعاء، عندما قال إنّ الحوثيين المدعومين من إيران يهددون ليس فقط السفن الأمريكية الموجودة في الخليج، وإنما المنطقة بأكملها.
وأضاف خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأميركي: "الحوثيون يهددون بأنظمة صواريخهم المدن الكبيرة في السعودية والإمارات والرحلات البحرية ومصالح أمريكا في المنطقة".
وتابع: "إيران تمثل من خلال الحوثيين في اليمن تهديداً حقيقياً لمصالح أمريكا بسبب تقديمها التدريب لهم والطائرات المسيرة عن بعد والتكنولوجيا العسكرية وكل هذا يمثل تهديدا لأمننا وأمن دول الخليج".
وخلال شهادته أمام مجلس الشيوخ، أكّد بومبيو قوة العلاقة بين تنظيم القاعدة وإيران، ووصف الأخيرة بـ"الحاضنة" للتنظيم الإرهابي، وقال: "لقد استضافت إيران تنظيم القاعدة واحتضنته وسمحت له باستخدام أراضيها كمحطة عبور، وبالتالي فإنه لا شك بوجود علاقة بين القاعدة وإيران".
ليس الإعلان الأمريكي الأول من نوعه الذي يدين الممارسات الحوثية وإرهابها المدعوم من إيران، وهو ما يفرض سلسلةً من التساؤلات عن التحركات الأمريكية طالما أنّ واشنطن تعتبر الحوثيين مصدر تهديد مباشر لها.
وكانت واشنطن قد لوَّحت في مارس الماضي، باستخدام الحزم في مجلس الأمن الدولي ضد مليشيا الحوثي بسبب عرقلتها تنفيذ اتفاق السويد واستمرارها في الأعمال العدائية.
وخلال جلسة في مجلس الأمن، أعرب القائم بأعمال السفير الأمريكي بالأمم المتحدة جوناثان كوهين، كما نقلت صحيفة "البيان"، عن امتعاضه من عدم وجود تقدم في تنفيذ الاتفاق، وكذلك من قيام الحوثيين بتسمية مقاتليهم كـ"قوات محلية"، مشدداً على أنَّه لا يمكن مساواة الحوثيين بالحكومة.
المندوب الأمريكي أكّد كذلك أنّ من يعرقل تنفيذ الاتفاقيات، ويسعى لاستمرار الأعمال العدائية ستتم مواجهته بحزم من قبل مجلس الأمن الدولي، في تلويح ربما يكون غير مسبوق في التعاطي مع خروقات الحوثيين.
وقد يفهم من هذه التطورات أنّها خطوة أولى في طريق إدراج المليشيات الحوثية على لائحة الإرهاب على الأقل، تماماً كما حدث مع الحرس الثوري الإيراني الذي أدرجته واشنطن على القائمة، وهو القرار الذي فسّر أنّ الولايات المتحدة فاض بها الكيل من ممارسات طهران وأذرعها في المنطقة.
ويرى خبراء أنَّ الممارسات الإرهابية والتدميرية لمليشيا الحوثي، ينبغي أن تواجه بقرارات رادعة لوقف أنشطتها التخريبية في اليمن، والمهددة للأمن والسلم العربي والإقليمي.