الضغط الدبلوماسي الدولي يؤشر لمرحلة جديدة من الأزمة اليمنية

الأحد 14 إبريل 2019 19:00:04
 الضغط الدبلوماسي الدولي يؤشر لمرحلة جديدة من الأزمة اليمنية

رأي المشهد العربي

لوحظ في الأيام الأخيرة تصاعد اللهجة الغربية ضد ممارسات مليشيا الحوثي التي تحاصر الانقلابيين سياسياً، ما يمكن اعتباره بوادر تغيير في التعامل مع المليشيات، تجبرها على وقف الانتهاكات التي تعرقل التوجُّه نحو السلام.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أكّد أهمية أن يقوم مجلس الأمن بإرسال رسائل قوية إلى الحوثيين ليتم التمكن من إنجاز تقدُّم في الحديدة قبل النظر في أي خطوات قادمة في عملية السلام باليمن.

جوتيريش قال كذلك إنّ كافة جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن تتركز حالياً على تنفيذ اتفاق الحديدة، الموقع في السويد قبل أربعة أشهر والذي ينص على انسحاب مليشيا الحوثي الانقلابية من مدينة وموانئ الحديدة، وجدد التأكيد على التزامه الشخصي والأمم المتحدة للتوصل إلى حل شامل للأزمة اليمنية.

بالتزامن مع ذلك، أثارت التدخلات الإيرانية في اليمن عبر دعم مالي ومسلح لمليشيا الحوثي الانقلابية، حفيظة ألمانيا، لتنضم الدولة الأوروبية إلى سلسلة تحركات غربية تكثّف الضغط على طهران للتراجع عن سياساتها.

السفير فيليب أكرمان المدير العام لإدارة الشرق الأدنى والأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بوزارة الخارجية الألمانية قال إنّ بلاده وشركاءها الأوروبيين تتفق على أنّ موقف إيران يمثل مصدر قلق كبيراً بسبب ما تقوم به من أفعال في المنطقة"، مؤكداً أن المخاوف بشأن الدور الإيراني لا تقتصر على اليمن فقط.

المسؤول الدبلوماسي الألماني صرح كذلك بأنّ موقف بلاده من الأزمة اليمنية يتمثل في دعم جهود المبعوث الأممي مارتن جريفيث للتوصل إلى حل سلمي، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ تنفيذ اتفاقية استوكهولم أمر حيوي، وأنّ التحالف العربي أظهر إرادة ورغبة حقيقية في تنفيذ الاتفاقية الأمر الذي لم يقابله الحوثيون بالإرادة نفسها.

عسكرياً، مُنِحت قوة ألمانية قوامها عشرة أفراد من الجيش والشرطة، الضوء الأخضر للقدوم إلى اليمن في مهمة رسمية، حيث وافق مجلس الوزراء الألماني، على إرسال عشرة رجال من الشرطة والجيش كحد أقصى، إلى اليمن للمشاركة في بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنَّ الهدنة في الحديدة محوريةُ بالنسبة للدخول في عملية سلام سياسية وفرض الهدنة في كافة أنحاء البلاد وتخفيف المأساة الإنسانية، وأضاف: "من السليم أن نساهم أيضاً بخبراء ألمان في ذلك".

وأكّد ماس أنّ بلاده تعمل على نحو مستدام من أجل التوصل لحل سلمي وقابل للتطبيق في النزاع اليمني تحت رعاية الأمم المتحدة، متابعًا: "حتى لو كنا نعلم أن الطريق إلى هناك لا يزال بعيدا، وأن العملية لا تزال معقدة وهشة".

تزامَن هذا أيضاً مع تصريحات صدرت من الولايات المتحدة، عندما قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنّ إيران ومليشيات الحوثي تهددان المنطقة بأكملها وليس فقط السفن الأمريكية الموجودة في الخليج.

بومبيو أضاف أنّ الحوثيين يهددون بأنظمة صواريخهم دول المنطقة بالإضافة إلى المصالح الأمريكية بها، متابعاً: "إيران تمثل من خلال الحوثيين في اليمن تهديداً حقيقياً لمصالح أمريكا بسبب تقديمها التدريب لهم والطائرات المسيرة عن بعد والتكنولوجيا العسكرية، وكل هذا يمثل تهديدا لأمننا وأمن دول الخليج".

فرنسياً، أعلن وزير الخارجية جان أيف لودريان خلال لقائه بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث، أنّ بلاده ستُجنِّد كل قدراتها من أجل دعم وساطة الأمم المتحدة في اليمن.

وأكّد "لودريان" دعم فرنسا الكامل لجهود الوساطة التي يبذلها جريفيث، ولعمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، وأشار إلى ضرورة وفاء الأطراف بالتزاماتها دون إبطاء من خلال تنفيذ إعادة انتشار القوى في ميناء ومدينة الحديدة، وضمان توصيل المساعدة الإنسانية على نحو فوري وآمن وكامل ودون عراقيل للعاملين في المجال الإنساني وتأمين حمايتهم بما يتوافق مع اتفاق ستوكهولم، في إشارة إلى عديد الخروقات والانتهاكات التي تنفذها المليشيات الحوثية وقضت بها على آمال تحقيق السلام.

وذكّر الوزير الفرنسي بأهمية مواصلة الحوار بغية التوصّل إلى حلّ سياسي شامل، فهو الوحيد الذي يكفل الحفاظ على سلامة أراضي اليمن، وإحلال السلام والأمن المستدامَين، ووضع حدّ لمعاناة الشعب اليمني، وتأمين استقرار شبه الجزيرة، وأشار إلى أنّ فرنسا ستستمر في تجنيد كل قدراتها لدعم هذه الوساطة، وهي تتواصل مع حلفائها وجميع أطراف الحوار في المنطقة.

هذه الضغوط الدبلوماسية الغربية التي جاءت جميعها في توقيت متزامن خلال الأسبوع الماضي فقط، وهذا يؤشر إلى تغيير مرتقب في التعاطي الدولي مع المليشيات الحوثية، إذ بات من غير المقبول أن يواصل الانقلابيون العبث بأي فرصة نحو السلام ويتم التغاضي عنها.

ولا شكّ أنّ استمرار الخروقات الحوثية يطيل أمد المأساة الإنسانية في اليمن ويؤشر إلى عودة الأمور إلى المربع الأول، وهو الأمر الذي تستغله المليشيات الحوثية في إعادة ترتيب صفوفها بتجنيد مزيد من العناصر وتحقيقها زيادة تسليحية كبيرة.