محسن الأحمر والحوثيان وغرفة النوم.. بين جنرال خان العهد ومقاومة حمت الأرض

الخميس 2 مايو 2019 20:44:58
محسن الأحمر والحوثيان وغرفة النوم.. بين "جنرال" خان العهد و"مقاومة" حمت الأرض
ينقسم التاريخ العسكري إلى جانبين رئيسيين في أي مواجهة انتصار أو هزيمة، بطولة أو "خيانة"، وهذه الأخيرة صفحات الماضي بالكثير من أمثلتها، لكن وقعها يكون أفدح ونتيجتها أبشع عندما يكون الخائن هو القائد الذي يفترض أن يكون حامي الحمى. 
يعرف القيادي الإخواني على محسن الأحمر نائب الرئيس ذلك جيداً، يحمل تاريخه الكثير من الخيانة، المزيد من الفساد. 
الحلقة الأبرز في مسلسل خيانة "جنرال الإصلاح" المتلفح بغطاء الشرعية، وهو مسلسل غير منتهي الحلقات، تعود إلى عام 2014، وتحديداً في 21 سبتمبر، عندما هاجم 20 طقماً حوثياً مسلحاً صنعاء، ارتكب "محسن الأحمر" جُرماً في حق الجميع، عندما قرر الهروب من الميدان، تاركاً فرصةً سهلة أمام المليشيات الانقلابية لتعيث في الأرض قتلاً وفساداً.
ترك الجنرال مكانه وخلف العهد وخان الأمانة، تاركاً ليس فقط ساحة القتال لكن حتى "غرفة نومه" أمام الحوثيين، وهو ما ظهر في صورة شهيرة فضحت جُرم الأحمر، لكنّ المليشيات يبدو أنّها حفظت "جَميل" الأحمر، فأمّنت له استثماراته، وهو وأعوانه في الإصلاح وعلى رأسهم حميد الأحمر، حيث لم تتضرر مصالحهم ولا شركاتهم من أي عبث حوثي، وهو ما فضح التعاون سيئ السمعة بين الجماعتين الإرهابيتين.
خيانات الأحمر وتسهيله سيطرة الحوثيين على الكثير من المناطق التي لن تمحوها لا مرور الأيام أو كذب الإصلاح قورنت ببطولات تُسطّرها المقاومة الجنوبية ضد إرهاب الحوثيين.
واختار القدر أن يلعب لعبته على أفضل نحو ممكن، فالحوثيان اللذان ظهرا في غرفة نوم الأحمر بعد أن منح لهما ولغيرهما الفرصة ليعيثوا في الأرض قتلاً وفساداً، نجحت المقاومة الجنوبية في أسرهما، لتفجّر مقارنة بين جبهة تحارب الإرهاب وتطارد فلوله وهي المقاومة الجنوبية، وأخرى خانت العهد وباعت الأرض.
لـ"محسن الأحمر" باعٌ طويل في علاقات متينة مع الحوثيين، وقد سلّم الجنرال البارز عدة مناطق استراتيجية على جبهات مختلفة للانقلابيين في طعنة غادرة للتحالف العربي والجيش.
وإزاء ما واجهه من انتقادات عاصفة إزاء موقفه من إتاحة الفرصة للحوثيين لفعل في اليمن ما يفعلونه بعد سيطرتهم على صنعاء، حاول "الأحمر" تبرير موقفه، وقال في تغريدة عبر "تويتر": "المدافعون عن الثورة والجمهورية قدموا في يوم النكبة 21 سبتمبر 294 شهيداً وأكثر من 3000 جريح في معسكر الفرقة الأولى مدرع ومحيطها".
وفيما بدت محاولة لتزييف الحقائق وصناعة رأي عام مناقض، زعم الأحمر: "‏يعلم الجمهوريون أنهم تركوا الجمهورية والثورة اليمنية فريسةً للحوثي في يوم النكبة 21 سبتمبر ولم يدافع عنها إلا معسكر واحد (معسكر السبعين)".
لكنّ السحر انقلب على الساحر، فالكذب الذي روَّجه الأحمر جعل سهام بنادق الاتهامات تضربه في مقتل، فالفرقة التي تحدّث عنها "نائب هادي"، تُعرف بالعتاد العسكري الكبير للغاية التي كانت تملكه من أفراد وآليات ومدرعات وأسلحة ثقيلة، ما يعني أنّه كان بإمكانها حسم المواجهة مع الأطقم الحوثية الـ20 التي اجتاحت صنعاء، لكنّ المخطط يبدو أنّ جزءاً من أركانه كان يتمثل في الهروب السريع.
وأشارت تحليلات عسكرية إلى أنّ هذه الفرقة تتكون من 23 لواء، خمسة ألوية مدرعات ودفاع جوي وصواريخ في صنعاء، وكانت تضم أكثر من 20 كتيبة عسكرية مدربة على استخدام المدرعات والأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وحرب الشوارع.
كما أنّ لباس البطولة الذي يستميت الأحمر من أجل ارتدائه اصطدم بما كُشف عن طريقة هروبه من صنعاء، وذلك أمرٌ وُصف بـ"الفضيحة الكبيرة".
وأضاف أنّ "الأحمر" وصل إلى السفارة السعودية وقال للسفير "أنا في وجه الملك عبدالله"، قبل أن يرده اتصالٌ من وزير خارجية المملكة آنذاك سعود الفيصل، مخبرًا إياه بأن يحافظ على حياة "محسن"، ويعمل على إخراجه من البلاد.
وكان الأحمر حينها يشغل منصباً عسكرياً هو قائد الفرقة الأولى مدرع التي كان يفترض أن تمنع دخول الحوثيين إلى صنعاء.
رواية الهروب بالطبع لم تأتِ على لسان "الهارب"، لكنّ السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، هو من كشفها، حيث تحدّث خلال لقاء تلفزيوني، في مايو الماضي، عما وصفها بـ"خطة خداع ذكية ومثيرة"، تضمّنت التمويه على تواجد محسن الأحمر في السفارة السعودية ونقله إلى دار الرئاسة، ومنها عبر طائرة هليوكوبتر إلى السعودية، والمثير أنّ خطة التمويه أن يكون "الأحمر" هو زوجة السفير السعودي.
وفي دليل فاضح على التعاون الحوثي - الإخواني، عيَّنت المليشيات في أبريل الماضي، قيادياً إخوانياَ، عضواً في مجلس الشورى التابعة لها، حيث أصدر رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط قراراً بتعيين عادل محمد حسن دماج، عضواً في مجلس شورى المليشيات في صنعاء .
و"عادل دماج" هو نجل القيادي الإخواني البارز محمد حسن دماج، الذي يُعد من مؤسسي حركة الإخوان في شمال اليمن، وقاد حرباً ضد الجبهة الوطنية في المناطق الوسطى، وسبق أن رشَّحه حزب الإصلاح لتولي عددٍ من المناصب منها وزير الإدارة المحلية والداخلية، وكان محافظا لمحافظة عمران عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على المحافظة.