تأسيس المجلس الانتقالي.. الجنوب يتحول من الفوضى إلى الدولة
الجمعة 3 مايو 2019 19:00:34
رأي المشهد العربي
الرابع من مايو من العام 2017، تاريخ سيظل عالقا في أذهان أبناء الجنوب، إذ كان شاهدا على بدء التحول من الفوضى التي كانت تعم عدد من محافظات الجنوب، إلى أول ملامح استعادة الدولة التي يحلمون بها، لأن هذا اليوم كان شاهدا على تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي جاء بدعوة من اللواء عيدروس الزبيدي وتأييد جميع أبناء الجنوب.
مع تأسيس المجلس الانتقالي أضحى هناك كيان جنوبي يمثل القضية الجنوبية في المحافل المحلية والدولية، وأصبح هناك وعاء سياسي لقضية الجنوب بعيدا عن المكونات السياسية التي تتجاذبها الولاءات من طرف الشرعية اليمنية، بعد أن بحت حناجر الجنوبيين طيلة عقد كامل من الزمان للوصول إلى هيئة سياسية موحدة تحمل على عاقتها حل القضية الجنوبية، وبالتالي فإن خطوة التأسيس في حد ذاتها تعد نواة لاستعادة الدولة.
بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، أضحت مكونات الدولة موجودة على أرض الواقع، لأن المجلس وضع القضية الجنوبية ضمن الأجندة السياسية الدولية بعد أن كانت غائبة بشكل كامل، بالإضافة إلى أنه عمل على تقوية العامل العسكري والأمني الضلع الثاني والمهم في بناء الدولة، والمكون الثالث يرتبط بالهيئات التي خرجت من تحت عباءته، ويأتي على رأسها تشكيل الجمعية الوطنية الجنوبية.
وبالنظر إلى الجمعية الوطنية الجنوبية، فهي بمثابة برلمان جنوبي معّين مكّون من 303 عضوا يمثلّون مديريات ومحافظات الجنوب، وتقوم بأدوار هامة للغاية على صعيد التواصل مع جميع أبناء الجنوب وعدم الانفصال ما بين المواطنين العاديين وقيادتهم السياسية، الأمر الذي يجعلها تقوم بدور محوري يرتكز على بث الثقة ما بين القيادة والمواطنين.
ويترأس الجمعية عضو هيئة رئاسة المجلس ومحافظ حضرموت السابق اللواء أحمد سعيد بن بريك ، تحمل الجمعية وظيفة السلطة التشريعية داخل كيان المجلس الانتقالي الجنوبي وتحتوي على لجان متخصصة وهي تعد بارقة أمل لشكل الدولة الجنوبية القادمة. عامان على التأسيس
ولعل من الملاحظ أيضا أن المجلس الذي تأسس قبل عامين، لديه خبرات طويلة مكنته من حصد جملة من المكاسب في غضون فترة قصيرة، وأن السبب في ذلك يرجع إلى أن هناك قيادة لديها رؤية ثاقبة للأحداث التي تجري من حولها، كما أن قيادة المجلس لم تنجذب نحو المناصب السياسية التي كانت دائما عاملا لإفشال أي مكون سياسي صاعد، ولكن أعضائه كان لديهم الرغبة في التركيز على الجوانب العسكرية ودعمها كأول خطوات التحرر من الفوضى والانتقال إلى الدولة.
وحقق المجلس الانتقالي نجاحات أمنية وسياسية عدة، إذ كان للرئيس عيدروس الزبيدي دور مهم في بناء الأجهزة الأمنية والعسكرية، وعمل على تأسيس النواة الأولى للمقاومة الجنوبية وهي التي استطاعت تحرير الضالع، وحقق الانتقالي كذلك دور كبير في تطوير الأجهزة العسكرية الجنوبية وساهم في تدريب وتسليح الكثير من الجنود وانشأ قوة ضاربة في حين كان الجنوب قبل الحرب يفتقر إلى وجود تلك القوة التي أضحت الذراع الحامي له.
وبالتوازي مع ذلك، فإن الانجازات السياسية والدبلوماسية لا تقل أهمية عن النجاحات الأمنية، وخلال فترة وجيزة من التأسيس فتح مكاتب في عدة دول أوروبية وأمريكية والتقى بسفراء دول عظمى ونقل القضية الجنوبية إلى المنظمات الدولية وبرلماناتها، وعمل على إيصال صوت شعب الجنوب المطالب باستعادة دولته إلى كل المحافل الدولية، والتي كان آخرها لقاء هيئة رئاسة المجلس الانتقالي بنائب وزير الخارجية الروسي.
ما حققه المجلس الانتقالي من نجاحات كان ظاهرا على وجوه أبناء الجنوب خلال مهرجان يافع، الذي أقيم، أمس الخميس في مدينة لبعوس، بمناسبة الذكرى الثامنة لتحرير جبل العُر والذكرى الثانية لإعلان عدن التاريخي وتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الاحتفاء الذي قابل به أبناء الجنوب اللواء الزبيدي يبرهن على الثقة التي يولونها في قيادتهم السياسية، ويؤكد أن الجنوب في طريقه نحو استعادة الدولة التي تتطلب توافقا خالصا ما بين القيادة السياسية والمواطنين العاديين.
وأصدر مهرجان يافع بيانا ختاميا، أكد الحاضرون به على تمسكهم ببيان عدن التاريخي وتفويضهم للقائد الرئيس عيدروس الزُبيدي والتفافهم حول قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره الكيان السياسي الجامع لأبناء الجنوب، والحامل الشرعي لقضيته والقادر على تحقيق طموحات الشعب في التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب.
وقال البيان إن أبناء يافع يجددون تأكيدهم على الاستمرار في طريق التحرير واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة والمضي قدماً في الطريق الذي سلكه الشهداء الأبرار، أن الحاضرين يشيدون بكل الانجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي واستطاعته الوصول إلى فتح الكثير من الأبواب الدولية التي كانت مغلقة في وجه الشعب،.
كما أشادوا بالحنكة السياسية لقيادة المجلس والتي لولاها لأصبح الجنوب كالأوراق التي تذروها الرياح رغم الصمود العظيم والتضحيات الجسيمة والتي كانت بحاجة إلى كيان قيادي سياسي مرن قادر على إيصال أصواتها إلى مسامع العالم.