إجرام الحوثي وعاصفة التحالف.. كيف أدركت واشنطن حقيقة الحرب الراسخة؟
أدرك مجلس الشيوخ الأمريكي، الأهمية الكبيرة لاستمرار عمليات التحالف العربي، ما يُضفي قناعةً دوليةً بأنّ العمل العسكري ضروري في مواجهة حالة العبث الناجمة عن الحرب الحوثية، لا سيّما أنّ المليشيات لم تعطِ فرصةً لإحلال السلام، ولا أدل على ذلك من آلاف الخروقات لاتفاق السويد.
حق النقض "الفيتو" الذي كان قد أصدره الرئيس دونالد ترمب ضد الإجراء التشريعي المطالب بإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف حصل على ضوء أخضر، حيث أحجم مجلس الشيوخ عن تحدي قرار ترامب باستمرار الدعم العسكري للتحالف.
خلال عملية التصويت، اعترض 53 عضواً على "الفيتو"، مقابل موافقة 45 عليه، علما بأنّ مجلس الشيوخ كان يحتاج إلى 67 صوتا حتى يتمكن من تحدي قرار الرئيس.
وكان مجلسا الشيوخ والنواب مررا إجراء، في وقت سابق من العام الجاري، يطالب بإنهاء الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة للتحالف العربي دعم، واعترض ترامب على قرار الكونجرس، وقال إنّه غير ضروري ويضعف من سلطاته الدستورية، ويهدد حياة المواطنين الأميركيين.
واستخدم ترلمب حق النقض الرئاسي ضد قرار الكونجرس، في 16 أبريل الماضي، وقال في رسالته التي عارض فيها القرار: "هذا القرار محاولة غير ضرورية وخطيرة لإضعاف سلطاتي الدستورية، ما يهدد حياة المواطنين الأمريكيين وأعضاء الخدمة الشجعان، اليوم وفي المستقبل"، وكانت تلك المرة الثانية فقط التي استخدم فيها ترامب حق النقض لعرقلة التشريعات التي أقرها الكونغرس.
خط الشر (الإيراني - الحوثي) كان يأمل بألا يستخدم ترامب "الفيتو" نحو وقف المشاركة الأمريكية إلى جانب التحالف العربي، لاستخدام ذلك خاصةً على الصعيد السياسي كورقة ضغط على التحالف، ومحاولة إبعاد دفة الانتقادات التي تعصف بالمليشيات وقادتها في اتجاه آخر.
ويمكن القول إنّ موقف ترامب يعكس حجم ضرورة التصدي للتدخلات الإيرانية في اليمن، وهو ما يزيد الضغط على طهران لإجبارها على وقف الدعم المقدم للمليشيات الحوثية، وهو تسليحٌ يطيل من أمد الحرب التي أشعلها الانقلابيون في صيف 2014، والشاهد من هذه التطورات هو تصاعد الغضب الأمريكي من التدخلات الإيرانية على النحو الذي قد يُغيّر من المعادلة في الفترة القريبة المقبلة، في وقتٍ منحت فيه واشنطن مليشيا الحوثي فرصة قد تكون أخيرة ليكونوا جزءاً من المشهد حال وقف الحرب.
السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر قال إنّ بلاده تدعو إيران لوقف تدخلاتها في اليمن والكف عن إعاقة الحل السياسي، مشدّداً على أنّ الحوثيين لا مكان لهم إذا أصروا على الاحتفاظ بالسلاح خارج إطار الدولة.
تولر تحدّث عن تعثُّر تنفيذ اتفاق الحديدة قائلاً: "لدينا أمل بأن نرى الطرفين يثبتان نيتهما بتنفيذ اتفاق الحديدة، لأنّ أي مفاوضات تعني أن يقدم الطرفان تنازلات، لكن للأسف الحوثيين لم يتغيروا إطلاقاً.
وأضاف: "إذا كان الحوثيون جادين في تحقيق المصالحة مع الحكومة فإن عليهم تغيير سلوكهم، نحن نحكم على السلوك وليس على الكلام"، لافتاً إلى أنّ واشنطن تعمل حالياً على رفع القدرات الأمنية اليمنية على حماية الحدود البرية والبحرية والأمن العام ومكافحة الإرهاب.
ويتمثّل الضغط الأمريكي على إيران في تضييق الخناق على أذرعها الإرهابية، لا سيّما الحرس الثوري وحزب الله، فقبل أيام أعلنت إدارة ترامب تصنيف الحرس الثوري الإيراني كـ"منظمة إرهابية خارجية"، وأكّد الرئيس أنّ هذه الخطوة غير المسبوقة التي قادتها وزارة الخارجية، تظهر حقيقة أنّ إيران لا تدعم الإرهاب فقط بل أن الحرس الثوري الإيراني يشارك ويمول ويستخدم الإرهاب كأداة في عملية إدارة الدولة.
وأضاف أنّ خطة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، هو الأول من نوعه من قبل أمريكا تجاه فرع من حكومة أخرى، لكنه يستند إلى أن تصرفات إيران تختلف بجوهرها عن تصرفات الحكومات الأخرى.
ووجّهت هذه الخطوة رسالة مباشرة لطهران، مفادها بأنَّ لدعم الإرهاب عواقب وخيمة بحسب ترامب الذي أكد مواصلة الضغط على النظام الإيراني اقتصادياً وتحميله أعباء إضافية بسبب دعمه المتواصل للإرهاب، حتى يكف عن سلوكه "المؤذي والخارج عن القانون"، على حد تعبيره.
تضييق الخناق على إيران عبر معاقبة مليشياتها الإرهابية أعاد الحديث عن إمكانية أن ينضم الحوثيون إلى القائمة، سواء بإدراجها على قائمة الإرهاب أو فرض عقوبات على قادتها.
وما يعزّز من هذا الاحتمال هو تصريح لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عندما قال مؤخراً، إنّ الحوثيين المدعومين من إيران يهددون ليس فقط السفن الأمريكية الموجودة في الخليج، وإنما المنطقة بأكملها.
وأضاف خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأميركي: "الحوثيون يهددون بأنظمة صواريخهم المدن الكبيرة في السعودية والإمارات والرحلات البحرية ومصالح أمريكا في المنطقة".
وتابع: "إيران تمثل من خلال الحوثيين في اليمن تهديداً حقيقياً لمصالح أمريكا بسبب تقديمها التدريب لهم والطائرات المسيرة عن بعد والتكنولوجيا العسكرية وكل هذا يمثل تهديدا لأمننا وأمن دول الخليج".
وخلال شهادته أمام مجلس الشيوخ، أكّد بومبيو قوة العلاقة بين تنظيم القاعدة وإيران، ووصف الأخيرة بـ"الحاضنة" للتنظيم الإرهابي، وقال: "لقد استضافت إيران تنظيم القاعدة واحتضنته وسمحت له باستخدام أراضيها كمحطة عبور، وبالتالي فإنه لا شك بوجود علاقة بين القاعدة وإيران".