المليشيات تحرق مطار الحديدة.. من بقعة حيوية إلى بؤرة ألغام
يُشكل مطار الحديدة محوراً شديد الأهمية على الصعيدين السياسي والعسكري، ومن هنا امتدّت إليه يد العبث الحوثي ليتحول من تلك القطعة الاستراتيجية إلى بؤرة ألغام، تهدّد حياة كل من خطت قدماه أرضَه.
المليشيات الحوثية الانقلابية قامت بحفر أنفاق تحت المدرج الرئيسي لمطار الحديدة، وعملت على تفخيخه وجميع مرافقه وحولته إلى حقل ألغام، وذلك من خلال تفخيخ كامل المباني داخله بالعبوات الناسفة والألغام مختلفة الأحجام والمحرمة دولياً.
مصادر عسكرية أشارت في هذا الصدد إلى الكثبان الرملية والعوائق الترابية المفخخة بالألغام التي وضعتها مليشيا الحوثي على طول مدرج مطار الحديدة يهدد بنسف المدرج ومحيطه بالكامل.
اعتماد المليشيات على "الأرض المحروقة" عبر تفخيخ كثيرٍ من المناطق، لا سيّما الاستراتيجية منها، سياسة حوثية اعتاد اليمنيون عليها على مدار السنوات الماضية، وهو ما أسفر عن أرقام مهولة من الخسائر البشرية والمادية.
ويحظر القانون اليمني و"اتفاقية حظر الألغام" لعام 1997 استخدام الألغام المضادة للأفراد، لكن الحوثيين استخدموا الألغام المضادة للمركبات عشوائياً في انتهاك لقوانين الحرب، ما يشكل أيضاً خطراً على المدنيين بعد فترة طويلة من توقف القتال.
منظمة هيومن رايتس ووتش أصدرت تقريراً قبل أيام، جاء فيه أنّ الألغام الأرضية التي زرعتها مليشيا الحوثي على طول الساحل الغربي بكثافة منذ منتصف عام 2017، أسفرت عن مقتل وجرح مئات المدنيين، داعية مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات على مرتكبي هذه الانتهاكات.
وقتلت الألغام الحوثية المزروعة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرق 140 مدنياً على الأقل، بينهم 19 طفلاً، في محافظتي الحديدة وتعز منذ 2018، بحسب المنظمة التي أوضحت أنّ مليشيا الحوثي زرعت الألغام الأرضية في ست محافظات على الأقل منذ بداية الأزمة قبل خمس سنوات، وقد سُجِّل في مديريتَيْ الدريهمي والتحيتا في محافظة الحديدة أكبر عدد من الوفيات المبلغ عنها بسبب الألغام الأرضية في 2018.
ووثقت "هيومن رايتس ووتش" سابقاً استخدام الحوثيين للألغام الأرضية المضادة للأفراد والمضادة للمركبات بين 2015 و2018 في محافظات أبين وعدن ولحج ومأرب وتعز، ولفتت إلى أن الألغام الأرضية والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، أعاقت وصول المنظمات الإنسانية إلى السكان المحتاجين.
وأدّت الألغام كذلك إلى منع الوصول إلى المزارع وآبار المياه، لتحرم الناس من مصادر الغذاء والمياه، مما يؤدي إلى مفاقمة الأزمة الإنسانية.
وصرحت القائمة بأعمال مديرة برنامج الطوارئ في "رايتش ووتش" بريانكا موتابارثي: "لم تقتل وتشوه الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون العديد من المدنيين فحسب، بل منعت اليمنيين المستضعفين من حصاد المحاصيل وجلب المياه النظيفة التي هم في أمسّ الحاجة إليها للبقاء على قيد الحياة".
وأضافت: "منعت الألغام أيضاً منظمات الإغاثة من جلب الغذاء والرعاية الصحية للمدنيين، الذين يعانون من الجوع والمرض بشكل متزايد".
المنظمة حصلت كذلك على أدلة تظهر أنَّ الانقلابيين زرعوا ألغاماً مضادة للأفراد، وأخرى مضادة للمركبات، في المناطق المدنية، وثالثة على شكل صخور وجذوع أشجار، ووجدت أنَّ الحوثيين استخدموا الألغام المضادة للأفراد في حيران، قرب الحدود السعودية، وأكدوا استخدامهم للألغام البحرية، على الرغم من المخاطر التي تتعرض لها سفن الصيد التجارية وسفن المساعدات الإنسانية.
ودعت "رايتس ووتش" كلاً من فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة، وفريق خبراء مجلس الأمن، إلى التحقيق في استخدام الحوثيين للألغام الأرضية، وتحديد الأفراد المسؤولين عن استخدامها على نطاق واسع، وأشارت إلى أنَّه ينبغي لفريق الخبراء، التحقيق بشأن الأفراد الذين قد يكونون مسؤولين عن جرائم الحرب، بما في ذلك إعاقة المساعدات التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين.