تحرير قعطبة.. المسمار الأخير في نعش الحوثيين
في الوقت الذي حمل فيه تحرير مديرية قعطبة بمحافظة الضالع العديد من الرسائل السياسية والعسكرية في الحرب الدائرة منذ صيف 2014، فإنّ ما جرى يُشكِّل أهمية ميدانية قد يُجنى ثمارُها في المرحلة المقبلة.
الناطق باسم القوات المشتركة في محور الضالع ماجد الشعيبي قال إنَّ قعطبة ستتحول إلى قاعدة عسكرية تنطلق منها عمليات تطهير بقية المناطق التي ماتزال تحت سيطرة مليشيا الحوثي بالتزامن ووصول تعزيزات عسكرية من قوات الحزام الأمني إلى الجبهة.
وأضاف في تصريحات لصحيفة "البيان" الإماراتية، أنّ القوات المشتركة بعد تحرير قعطبة انطلقت إلى تمشيط المرتفعات الجبلية المحيطة بمركز المديرية وصولاً إلى أطراف منطقة الفاخر، لافتاً إلى أنّه بمجرد استكمال ذلك ستتحوَّل بشكل تدريجي إلى قاعدة عسكرية للقوات المشتركة تنطلق من خلالها العمليات العسكرية لتحرير باقي المناطق التي ما تزال تسيطر عليها المليشيات.
وبعد هزيمتها الكبيرة في قعطبة، لجأت مليشيا الحوثي كعادتها لإطلاق الصواريخ والقصف بالدبابات على التجمُّعات السكنية والقرى الآهلة بالسكان، ما تسبَّب في وقوع عشرات الضحايا من المدنيين الأبرياء.
ميدانياً، قصفت المليشيات بمدفعية الهاون حياً شعبياً في منطقة شعب الأسود وهي منطقة تقع بعد سناح ما أدى إلى إصابة الطفل نايف هزام من أبناء المنطقة بجراح بالغة وتم إسعافه إلى عدن نتيجة خطورة الإصابة.
وبحسب الشعبي، فإنَّ الحياة في مدينة قعطبة بدأت تعود إلى طبيعتها مع قليل من الحذر من قبل المدنيين الذين يخشون على أنفسهم من القصف العشوائي لمليشيا الحوثي، واعتبر أنَّ عودة الحياة بشكلها التدريجي إلى أحياء وشوارع مدينة قعطبة انتصاراً كبيراً يُضاف إلى الانتصار العسكري الذي تحقَّق ودلالة واضحة على الصمود الأسطوري لأبناء هذه المنطقة في وجه المليشيات الحوثية، مشدِّداً على أنَّها ستصبح مضرباً مثل في الصمود والتفاني لباقي المناطق التي تعترض للكثير من الانتهاكات الحوثية اليومية التي تطال المدنيين بقوة السلاح بغية تطويعهم وتجنيدهم في حربها الخاسرة.
إلى ذلك، عزَّزت قوات الحزام الأمني بـ500 مقاتل متطوع من أبناء محافظة الضالع كدفعة أولى لتعزيز جبهات القتال ضد مليشيا الحوثي ضمن خطة لتعزيز الوحدات المرابطة في خطوط القتال وزيادة عدد نقاط التفتيش وتعزيز المواقع المتقدمة التي تم السيطرة عليها.
وفي استقبال المتطوعين، أشاد قائد أركان قوات الحزام الأمني الرائد محمود علي صالح بالروح المعنوية العالية للمقاتلين الذين توافدوا من كل حدب وصوب للانضمام لقوات الحزام الأمني، وقال بحسب الصحيفة، إنَّ الانضمام للحزام الأمني هو انضمام للشرف والعزة والمجد.
عملية السيطرة على مديرية قعطبة تضمّنت الهجوم من ثلاثة محاور، هي غيث وسناح وحجر، وقد اشتركت فيها قوات المقاومة الجنوبية وقوات الحزام الأمني وقوات ألوية العمالقة تحت قيادة وإشراف المجلس الانتقالي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي، وقد انتهت المعركة بتطهير كامل للمدينة.
التحالف العربي قدّم دعماً كبيراً في هذه المواجهات، من خلال إسناد جوي كبير، ما أسفر عن تدمير عشرات الآليات والأطقم والأسلحة.
المعارك على الأرض تشير إلى أنّ القوات الجنوبية حسمت المعركة، وقدّمت كثيراً من الدروس التي لن تنسى على الأمدين القريب والبعيد.
أحد أهم الرسائل قُدّمت للمليشيات الحوثية، ومفادها أنّ للجنوب درعاً يحمي الأرض، وسيفاً يقطع شرور الإرهاب، ويبدو أنّ الانقلابيين راودتهم أحلام قديمة سعت للسيطرة على مدن جنوبية، إلا أنّ بطولات الجنوبيين قد دفنت هذه المؤامرات في قبور اللا عودة.
سرعة الحسم أمام المليشيات الحوثية أيضًا قدّمت رسالة إلى الحكومة، تعلّقت بكيفية حسم المواجهة مع العدو الحوثي، فبينما استغرقت الحكومة الكثير من الوقت لكسب معركة ما أمام المليشيات، إلا أنّ بطولات القوات الجنوبية فضحت ما يمكن اعتباره خذلاناً من بعض الأطراف المحسوبة على الشرعية.
هذه الحالة استدعت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد المطالبة بنقل بعض قادة الجيش إلى "مدرسة الضالع" لتعلم فنون القتال، وطرق التصدي للمليشيات.
وبعيداً عن أنّ مثل هذه الحملات تحمل في طياتها سخريةً أكثر مما تمثله من طلبٍ واقعي يمكن تحقيقه على الأرض، فإنّ حكومة هادي إذا ما أرادت تغيير دفة الحرب وحسم المعارك متعددة الجبهات، مع المليشيات الحوثية فإنّ مهمتها الأولى هي تطهير نفسها من عناصر حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية.