إرهاب استباقي.. قراءة في اجتماع الحضرمي والسفير التركي
لم يكن اجتماع وزير الخارجية في حكومة الشرعية محمد الحضرمي مع السفير التركي لدى اليمن فاروق بوزغوز، مجرد اجتماع دبلوماسي، بقدر ما مثّل العبث الذي يسود على حكومة الشرعية، وحجم الإرهاب الإخواني الحاد المخترِق لها.
وبينما تضمّن البيان الرسمي الصادر عن الاجتماع لهجة دبلوماسية معتادة، إلا أنّ تزامنه مع الموعد المعلن للتوقيع على اتفاق الرياض، والمفترض اليوم الثلاثاء، قد لوّح بالكثير من الإشارات بشأن مساعي أنقرة المتواصلة من أجل بث السموم في مسار الاتفاق في محاولة لإنقاذ مستقبل نفوذ حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي.
اجتماع الحضرمي والسفير التركي وفي هذا التوقيت بالذات، يبرهن على نفوذ أنقرة الكبير من خلال علاقاتها مع حزب الإصلاح الإخواني، وهو ما يؤكّد أنّ النقطة الأهم في اتفاق الرياض تتمثّل في القضاء على النفوذ الإخواني المخترق لحكومة الشرعية، الذي يُنفِّذ مؤامرة قطرية تركية تستهدف التحالف في المقام الأول.
وإدراكًا من "الإصلاح" بأنّ اتفاق الرياض يعتبر صفعة سياسية قاصمة لنفوذه، فقد لجأ الحزب الإخواني إلى الدولتين اللاتين تحتضنان إرهابه، وهما قطر وتركيا، وعمل على تكثيف أعماله التي تستهدف تفكيك التحالف العربي على النحو الذي يخدم المليشيات الحوثية، وهو ما تجلّى في لقاءات وتحرُّكات زادت من معدل العداء للتحالف وضد الجنوب أيضًا.
وعمل حزب الإصلاح بشكل مكثف على تقويض الجهود الحثيثة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لإنجاح المحادثات، مستخدمًا في ذلك مليشياته الإرهابية والتنظيمات المتطرفة التي يتعاون معها، وفي مقدمتها داعش والقاعدة.
وظهرت التحركات الإخوانية المريبة في أعمال إرهابية واعتداءات بمحافظات شبوة وأبين بالإضافة إلى العاصمة عدن؛ في محاولة لتفجير الوضع عسكريًّا، وإفشال التوقيع على الاتفاق؛ خوفًا من حزب الإصلاح على نفوذه ومصالحه.
عمل "الإصلاح" على إفشال الاتفاق جاء إدراكًا من هذا الفصيل بأنّ مستقبله السياسي أصبح على المحك، بعدما افتضح أمر إرهابه على الملأ، وأصبح وجوده غير مقبول باعتباره هيكلًا إرهابيًّا ارتمى في أحضان المليشيات الحوثية وهو يتستر بعباءة الشرعية.
قادة الإخوان في حكومة الشرعية، يعملون - بإيعاز مباشر من دولتي قطر وتركيا - على إفشال الاتفاق بأي ثمن، تخوُّفًا من أنّ إتمام هذه الخطوة سيكون فاضحًا للإرهاب الذي غرق فيه حزب الإصلاح، بالإضافة إلى الثروات المالية الضخمة التي حقّقوها من وراء حالة العبث الراهنة، والمستمرة منذ صيف 2014.
ومن أجل ضمان استخدام "الإصلاح" في أجندتها باليمن، عملت أنقرة على تسهيل حصول عناصر الحزب الإخواني على العقارات وتوطينهم، وذلك بالتنسيق مع دولة قطر، وقد تجلّى ذلك في اجتماعات كثيرة عُقدت في مدينة إسطنبول بين قيادات الإصلاح وضباط من المخابرات التركية.
وتقول تقارير تركية رسمية إنّ عدد المنازل التي اشتراها يمنيون في تركيا ارتفع بنسبة 536% خلال الشهور التسعة الأولى من 2019، مقارنة مع ذات الفترة من 2015، حيث اشترى اليمنيون 1082 منزلًا مقابل 170 منزلًا فقط قبل أربع سنوات.
وتقول هيئة الإحصاء التركية، إنّ اليمنيين اشتروا 231 منزلًا بتركيا في 2015، و192 منزلًا في 2016، و390 منزلًا في 2017، و851 منزلًا في 2018، و1082 في الشهور التسعة الأولى من 2019.
من جانبه، صرّح رئيس شركة العقارات الأمريكية "كولدويل بانكر" في تركيا، جوكهان طاش: "الموضوع الملفت للانتباه في مسألة بيع المنازل للأجانب، هو زيادة عدد العقارات التي اشتراها اليمنيون في تركيا.. فللمرة الأولى في التاريخ يدخل اليمن ضمن الـ10 الأوائل في قائمة الدول الأجانب الأكثر شراءًا للعقارات بدولة ما".
وخلافًا لشراء المنازل، وأوضح طاش أنّ اهتمام اليمنيين بتركيا برز بشكل جلي في المجال الاقتصادي أيضًا، حيث يتزايد عدد الشركات التي يؤسسها اليمنيون بتركيا كل يوم.
وتقول البيانات الرسمية، كذلك إنّ عام 2017 شهد تأسيس 44 شركة برأس مال يمني، و79 شركة في 2018، وفي الأشهر السبع الأولى من 2019 بلغ عددها 41 شركة، ليؤسس اليمنيون 164 شركة في تركيا خلال آخر عامين ونصف العام.
"الإصلاح" في توسّعه العقاري والاستثماري بتركيا نهب الكثير من الأموال التي كانت مخصصة للحرب على المليشيات الحوثية، ليُجسِّد الحزب الإخواني مفهوم "تجارة الحروب".