تحليل: الحرب الإعلامية

الأحد 28 يناير 2024 20:31:46
تحليل: الحرب الإعلامية

الحرب الإعلامية

ثابت صالح*

يعاني عامة الناس بل وأحيانا خاصتهم من سلاح الإعلام كما يعانون من الحرب بالسلاح الناري وبالخدمات وإرتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.

والمشكلة أن الإعلام قد يلعب دور المضلل والمبرر والمهيء لكل جرائم هذه الأشكال من الحروب.

خلط الأوراق وإثارة الأحداث من وظائف هذه الحرب، أي أنها تخلط الحق بالباطل وترفع شعارات إصلاحية وعقلانية وتصل الى إدعاء المقاومة والحق الالهي في الحكم وتكفير الخصوم والتمييز بين الناس على أسس مذهبية وعرقية ، وهذا ما يضيع البوصلة الصحيحة للأحداث والقضايا لدى بعض النخب وعامل الناس التي لم تدرك بعد أن لعبة الحرب الاعلامية التي تنتهجها الدول والجماعات المعادية وخاصة في ظل الانتشار الواسع لتكنولوجيا الإتصال والإعلام وعصر الانفجار المعلوماتي أصبحت تقوم على معادلة الإقناع الإعلامي وهو غير الإقناع البرهاني والشرعي "فالمنتصر والقوي هو من تفوز روايته للأحداث بصرف النظر عن حقيقة الأحداث". 

من هنا أصبح لوسائل الاعلام دورا بارزا في تحديد المنتصر والفائز والمهزوم، واصبح الاعلام صناعة سياسية وثقافية خطيرة، ولهذا أضافت معظم وزارات الدفاع أقسام متخصصة بحروب المعلومات بهدف نشر الأخبار المضادة ومواجهة الدعاية التي تروجها الجماعات والدول ( أنشأت وزارة الدفاع الاميركية مكتب التضليل الاستراتيجي عام 2003 وأنشأت وزارة الدفاع الروسية قسم اعلامي تابع لهيئة الأركان الروسية لمواجهة الدعاية الاعلامية والمعلومات المغلوطة عام 2016 ) .

 وأيضاً التنظيمات الارهابية استغلت واستثمرت في وسائل الاعلام وخاصة في الاعلام الجديد، وأنشأت أقسام متخصصة للدعاية والتضليل، وبرز منها تنظيمي القاعدة وداعش اللذين اعتمد على بث الفيديوهات الإجرامية ومشاهد قطع الرؤوس لتخويف اعدائهما واجتذاب الاتباع الجدد.
 
يعاني شعب الجنوب العربي أكثر من غيره من حرب الإعلام المعادي المتفوق عددا وعدة.

فإذا كان لدى الجنوب قناة فضائية واحدة حديثة التأسيس والتجربة والخبرة...فلدى الخصوم عشرات من القنوات الفضائية وجيوش من الذباب الالكتروني، ناهيك عن الفضائيات الداعمة في كل من إيران وعمان ولبنان وقطر وتركيا وكذلك قنوات عالمية ووسائل تواصل اجتماعي جمعتهم مع الحوثيين والإخونج مصالح مشتركة ومراكز توجيه وتنسيق وتعاون موحدة...في تجاوز فاق الحدود لاخلاقيات المهنة عملا بالقاعدة الميكافيلية "الغاية تبرر الوسيلة".

أي ان الطرف الأقوى يحاول إقناع العالم بمصداقية روايته وتوصيفه للأحداث والوقائع بصرف النظر عن الحقائق والمعايير الأخلاقية.

ما هو واقع ومكان ودور الإعلام الجنوبي؟

هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في كتابات قادمة بإذن الله تعالى.

* باحث ومحلل سياسي وعسكري