تحليل: ما الهدف الرئيسي من ضرب الملاحة الدولية في البحر الأحمر؟

الثلاثاء 30 يناير 2024 22:31:52
تحليل: ما الهدف الرئيسي من ضرب الملاحة الدولية في البحر الأحمر؟

ما الهدف الرئيسي من ضرب الملاحة الدولية في البحر الأحمر؟

ثابت صالح*

لا تستهدف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر السفن المتوجهة إلى إسرائيل كما يبررها مرتكبوها، فقد تحولت هجماتهم وقرصنتهم ازمة تهدد بإغلاق شريان تجاري عالمي

إغلاق مضيق باب المندب هدف رئيسي لايران وذراعهم الحوثيين.

ففي اطار حربهم على الجنوب وبعد تمكنهم من وقف تصدير النفط من محافظتي شبوة وحضرموت الجنوبيتين وتهديد حياة موظفي الشركات العاملة فيها...اتجهوا إلى استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر.

واذا ماقسنا حجم التأثير الضئيل على حركة ميناء إيلات الإسرائيلي ، بما لحق باقتصاد مصر وقناة السويس التي تفقد نحو نصف إيراداتها من العملة الصعبة التي تحتاج إليها البلاد، ودفع بكبريات شركات النقل البحري إلى الاستغناء موقتاً عن باب المندب مفضلة الطريق القديم، الأطول والأكثر كلفة حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح.

وأدى ذلك إلى زيادات في رسوم التأمين وكلفة الشحن واستهلاك مزيد من الوقت، بالتالي إلى زيادات في أسعار البضائع، مما يفرض أعباء جديدة على الاقتصاد العالمي.

أصبح إغلاق البحر الأحمر على يد الحوثيين قضية عربية تعني الدول المحيطة مباشرة، وقضية عالمية تعني دولاً ومصالح دولية متشابكة، ولم تعد مسألة تقتصر على طريقة لإبداء الدعم لغزة، كما يقول قادة الحوثيين في صنعاء، فإقفال باب المندب وهذا ليس أمراً طبيعياً بعد عقود من التقاء عديد من الدول على محاربة القرصنة والتمسك بإبقاء الممرات الدولية آمنة.

منذ تسعينيات القرن الماضي حسم الصراع في القرن الإفريقي لمصلحة الغرب، بعد غياب دولة اليمن الجنوبية على وجه الخصوص ،ودبت فوضى القراصنة التي استدعت تدخلات دولية لحماية الملاحة، حيث حضرت أساطيل الدول الكبرى إلى المنطقة وتسابق الجميع على إقامة القواعد العسكرية في جيبوتي حيث تتجاور معسكرات الفرنسيين والأميركيين والصينيين والإسبان والإيطاليين، كل هؤلاء حضروا تحت عنوان حماية حرية الملاحة.

بين التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من القرن الحالي حل تهديد جديد لأمن البحر الأحمر، دخلت إيران المعادية لجيرانها، العرب والمتنافسة مع النفوذ الغربي والاسرتئيلي في بازار التنافس، وبدأت إرسال سفنها إلى المياه الدولية، لكن نفوذها الأكبر حققته عبر دعمها الحوثيين الذين انقلبوا على السلطة الشرعية اليمنية وسيطروا على العاصمة صنعاء وبدأوا حرباً ضد الجنوب لا تزال قائمة حتى الآن.
عبر الحوثيين حاولت إيران ولا تزال قول كلمتها في شأن أمن البحر الأحمر، ووفرت لها حرب غزة الفرصة لإثبات حضورها طرفاً معنياً في ترتيبات مستقبلية قد تتخذ لإقرار السلام في الممر المائي الدولي.

ما يجري في الجنوب العربي تمارسه إيران في الشام ، ففتح جبهة لبنان ضد إسرائيل يشبه فتح جبهة اليمن ضد الملاحة الدولية وفي الحالتين تنتظر إيران الاعتراف لها بدور مستقبلي في إقرار التسويات المحتملة، لكن هل ستسير الرياح في اتجاه ما تشتهيه السفن الإيرانية؟

بعد ضغوط الرأي العام الأمريكي والسباق الانتخابي اضطر الرئيس بايدن إلى الرد على هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وقد أسقطت البحرية الأميركية حتى الآن 80 من الصواريخ والمسيرات الحوثية في البحر الأحمر.

في المقابل، يلجأ الحوثيون إلى صواريخ كروز وأخرى باليستية مضادة للسفن أبرز أنواعها:

صواريخ روبيز تحمل اسم "بي - 21 / 22" سوفيتية مضادة للسفن كانت ضمن مخزون الجيش اليمني كان قد طورها خبراء كوريون شماليون وموجهة بالرادار والأشعة تحت الحمراء. مداها 80 كيلومترًا.

و "المندب – 1".. تحمل اسم "سي – 801" ضمن ترسانة الجيش اليمني وهي صينية مضادة للسفن وموجهة بالرادار مداها 40 كيلومترًا.

"المندب - 2".. اسمها "غدير" وهي إيرانية موجهة بالرادار يصل مداها إلى 300 كيلو متر.

كما يملكون صواريخ "قدس".. بتوجيه إلكتروني وأشعة تحت الحمراء، إيرانية تم تطوير نسخة بحرية منها بمدى يصل إلى 800 كيلومتر، ، إضافة إلى صواريخ باليستية مضادة للسفن من طراز فالق وعاصف وسجيل وتنكيل وغيرها يصل مداها إلى 500 كم.

وبالتزامن مع أزمة البحر الأحمر يحاول الحوثيون تكرار اعتداءاتهم على محافظات الجنوب وخاصة في شبوة والضالع لكن كل هذه المحاولات تفشلها القوات الجنوبية وتكبد الحوثيين خسائر فادحة.

وعلى صعيد اخر تنطلق صواريخ الحوثيين الموجهة ضد السفن التجارية في البحر العربي من محافظتي البيضاء وتعز.

تطورات خطيرة تفرض على الجنوبيين رفع درجات الاستعداد واليقظة وعلى التحالف العربي مسؤولية دعم القوات الجنوبية.

* باحث ومحلل سياسي وعسكري