المؤسسة الاقتصادية .. ودورها المفقود

كان يا ماكان في الماضي الجميل غير البعيد نسبيا , قطاع عام يلبي معظم الإحتياجات الأساسية من المواد الغذائية والملبوسات والخضار والفواكه وحتى الادوية وقطع الغيار والأدوات الكهربائية لعامة الشعب من قبل مؤسسة التجارة الداخلية في عهد الحزب الاشتراكي اليمني الشمولي سابقا , وبأسعار تنافسية جعلت كثير من التجار يغادرون ميدان المنافسة مع تلك القطاعات العامة المختلفة لعدم تكافؤ الفريقين .

رقابة سعرية والجودة من قبل أجهزة الدولة المختلفة وعقاب رادع لمن تسول له نفسه العبث بقوت الشعب أنداك , اليوم للأسف الشديد معظم الأجهزة الحكومية وحتى بعض القضاة قد أنحازوا لفئة التجار وحماية مصالحهم على حساب المصلحة العامة , وكانت هناك رقابة مجتمعية لا تقل فعالية عن الرقابة الحكومية , كون المواطن خط الدفاع الأول لأي دولة تبحث عن الأمن والإستقرار والتقدم والرقي .

كانت هناك شركتي التجارة الداخلية والخارجية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا التي تقوم بمعظم تلك النشاطات سالفة الذكر , رغم النهضة العمرانية وإرتفاع مستوى دخل الفرد في الدول الصناعية الكبرى والصغرى التي تنتهج النهج الرأسمالي , إلا أنها لم تتخلى كليا عن إلتزاماتها بتوفير أساسيات العيش الكريم لمواطنيها أو المقيمين والمهاجرين وأصحاب الدخل المحدود .

حتى في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعتبر من أوائل الدول العربية بمستوى دخل الفرد يوجد بها تعاونيات حكومية تقوم بالبيع المباشر وبأسعار مناسبة للغاية للمقيمين وغيرهم من أصحاب الدخل المحدود .

المؤسسة الإقتصادية العسكرية سابقا , ورغم إحتكارها التمويني غير القانوني والمشروع لكثير من المرافق العامة , إلا أنها كانت توفر كثير من أساسيات العيش الكريم لأفراد القوات المسلحة وباقي المواطنين , كان للمؤسسة الاقتصادية نشاط تجاري متنوع من المواد الغذائية وحتى الخضار والفواكه والألبان والملابس والأثاث وغيرها , إلى المخابز الالية الكبيرة المنتشرة في المناطق الشمالية.

اليوم المؤسسة الاقتصادية في عهد الشرعية اليمنية في عدن وباقي المحافظات التي أن تخضع للسلطة الشرعية VIP لكبار القوم وحاشيتهم فقط , رغم العدد الكبير من المباني والهناجر والمستودعات والمحلات والأراضي التابعة سابقا لشركة التجارة الداخلية في عهد الحزب الاشتراكي اليمني سابقا قبل الوحدة , آلت جميع تلك الأصول أو ما تبقى منها للوريث العاق المؤسسة الاقتصادية , وأغلبها أو جميعها مزالت مغلقة أو مؤجرة بمبالغ رمزية تشم منها رائحة فساد كريهة .

على الحكومة الشرعية إعادة هيكلة المؤسسة الاقتصادية وإختيار قيادة مؤهلة تقوم بواجبها الاداري والإقتصادي والوطني على أكمل وجه لحساسية الوضع وصعوبة وخطورة المرحلة , ووضع أسس يحدد فيها صلاحيات وإختصاصات المؤسسة , في ظل هكذا أوضاع معيشية وإقتصادية منهارة يجب أن تقوم المؤسسة الاقتصادية بدورها الوطني من خلال الاستيراد المباشر للمواد الغذائية الأساسية ( أرز + دقيق + سكر + زيت وغيرها ) وبيعها للمواطن مباشرة مع هامش ربح ضئيل .

يجب أن لا يترك الشعب وحيدا ليواجه نتائج فشل وفساد الحكومة الشرعية وأدواتها وتجارها , الذين وصل بطشهم وجشعهم عنان السماء , تجار ومسؤولي الحروب والأزمات لا بارك الله فيهم وفي تجارتهم وأموالهم .