كلها ويفر..!
محمد العولقي
المزيدهل أصبحت حياة المواطن البسيط لعبة تتقاذفها أيادي الأطباء في المستشفيات الخاصة دون حسيب أو رقيب؟
* أين توارى قسم (أبوقراط)؟ وأي حكمة يمكن فهمها وقد تحوّل ملائكة الرحمة إلى شياطين يعملون (بزنس) لحساب (عزرائيل)؟
* الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت)، لكن يفترض أن الطب رسالة ملائكية سامية، تعتمد على تخفيف معاناة المرضى، ولا تعني إراحتهم إلى الأبد.
* أحدهم حلف لي أمام جامع إنه يشم رائحة الموت كلما قاده حظه العاثر لزيارة قريب أو صديق في لحظاته الأخيرة.
* مواطن آخر دخل مستشفى خاصا بعدن يمشي على قدميه لا يعاني إلا من حمى خفيفة، ودوخة عادية، تم ترقيده عنوة، وبعد أن نظفوا جيبه وجيوب جيرانه وأهله ومحبيه، رموه فجرا جثة هامدة في زمن قياسي، والمبكي أن المستشفى رفض تسليم الجثة إلا بدفع باقي التكاليف.
* بربكم هل هذه المستشفيات الخاصة، التي تعمل نيابة عن عزرائيل، هدفها إنقاذ البشر؟ أم أنها تستثمر في حياة الناس في ظل غياب الرقابة عن المشهد الدامي؟!
* ولأن حياة المواطن في سوق البشرية أصبحت رخيصة برخص التراب، فلن نتفاجأ أبدا بإعلان مدفوع الأجر ينسب للمستشفيات الخاصة التي تتوالد بنظام الذباب خارج غرف النوم يقول: عزيزي المواطن المهموم، إذا كنت ترغب في التخلص من حياتك إلى الأبد، ما عليك سوى زيارتنا، وستجد عندنا ما ينقلك بسرعة الضوء من الحياة الدنيا التي هي مجرد لهو ولعب إلى الدار الآخرة التي هي خير وأبقى.. عروضنا للتخلص من حياتك مغرية، بادر بزيارتنا، فعزرائيل في انتظارك..!
* كل مريض يقوده حظه العاثر إلى مستشفى خاص بعدن يبيع الذي وراه والذي قدامه، ومع ذلك يخرج من عنابر (الترقيد) جثة هامدة.
* حتى عندما تدخل مستشفى خاصا للمشورة تتفاجأ بالطبيب المناوب يسلمك قائمة بفحوصات لا حصر لها تستنزف مرتبك لشهرين على الأقل، مع أن الاستشارة تتعلق بحمى عادية فرضها ظهور ضرس العقل.
* دخول المستشفيات الخاصة هذه الأيام مخاطرة غير محمودة العواقب، وتتطلب منك كتابة وصيتك لأم العيال مع أول عارض صحي يدفعك دفعا نحو أقرب مستشفى خاص.
* موقف مؤلم حدث لعائلة فقيرة معدمة، أسعفت ولي نعمتها، كانت حالته الصحية خطيرة وتستحق تدخل طبي لإنقاذ حياته، لكن ضابط النوبة رفض تقديم بعض الإسعافات الأولية للمريض ما لم يضعوا على مكتب المحاسب مائة ألف ريال، ولفظ الرجل أنفاسه الأخيرة من القهر، قبل أن يتبرم الطبيب الشيطان قائلا: هيا شلوه أو ادفعوا ثمن النقالة.
* والمضحك في مسلسل (شر البلية) أن ممرضا ينتمي لمستشفى خاص شعر ببعض الخجل من إبلاغ أم ثكلى بمصير ابنها، فما كان منه إلا أن قال لها بلهجة عدنية: ابنك يا حاجة (كلها ويفر).
* كيف يدخل مواطن للعلاج من نوبة زكام حادة صباحا ثم يخرج مساءً على نقالة وقد لفض أنفاسه الأخيرة في وقت قياسي؟!