نساء أسر عدنية عريقة لاتجد قوت يومها!
ماجد الداعري
- لمن نشكوا من الظلم وتوحش الفاسدين والكل متورط بالفساد؟
- تدوير تجديدي
- القفيش جنوبي منا وفينا
- إلى الشعبي: اني لك لمن الناصحين الصادقين!
استوقفتني امرأة مسنة عليها وقار الخجل، بطريقي إلى العمل وترجتني أن اساعدها في الدخول معي إلى جمارك ميناء عدن حيث ترغب وباصرار في اللقاء بشخص يعمل بالتخليص الجمركي يدعى "حلمي"
قلت لها:يا امي بيمنعوك العسكر ويطالبوك بترخيص دخول.
قالت:ياولدي ساعدني الله يفتح عليك ويرزقك واقنعهم يدخلوني فالله أعلم بحالي وأني ما اكلت شيء من امس.
توقفت متسمرا بمكاني ..وكأن صاعقة كهربائية هزت كياني، وانا انظر إليها بمشاعر الصدمة والذهول حيث لايبدو عليها اثار فقر او مظاهر وجراة المتسولين
قلت لنفسي:معقول امرأة بهذه السن لم تجد من يطعمها يوما كاملا في بلد الإيمان يمان والحكمة يمانية كما وصفهم خير البشر..ثم اين أولادها واحفادها وأهلها؟
عدت بتأمل مظهرها جيدا وتفحص تجاعيد الزمن البادية بقوة على جبينها وضمور العروق في يديها النحيلتين وقلت لها: خير يا أمي العزيزة ولماذا لم تأكلي شيء من أمس؟
ردت منكسرة وبصوت خافت: من اين لي ياولدي..واني لم استطع الذهاب لعملي في خدمة البيوت بعد ان بقيت يوم كامل اغسل الملابس وانظف بيت احدى الاسر مقابل الف ريال لاتكفي مواصلات ومصروف يومي واني قدني كبيرة بهذه السن ولا تسمح اي غزة نفسي ومكانة أهلي ان أخرج للتسول او مطالبة الجيران بأن يطعموني وانا أخت الفنان المعروف محمد جمعة خان.
دقيت على راسي من هول الصدمة وانا بين التشكيك من صحة ما تقول وعدم استيعاب الموقف الصلدم.
فقلت لها :وأين أولادك واحفادك وأهلك
قالت: مش متزوجة ولاعندي اولاد .. وأخواني وأهلي في ذمة الله ياولدي وأني اعمل خدامة بيوت مقابل اكلي وشربي بس قد كبرت اليوم وماعاد اقدر أخدم حتى نفسي فقلت اجي اشوف واحد هنا يواسيني أحيانا ويعطيني ماكاتبه الله لي.
اخذتها بيدها دون ترد حتى وصلنا النقطة الأمنية الأولى للميناء وعلى امل ان تأتي سيارة شخص محترم لتقلنا إلى الجمارك. ولكن للاسف رفض جنود النقطة السماح لها بداية بالدخول وطالبوها بالعودة كون الدخول ممنوع
وبعد تدخلي واخذ وعطاء مع احدهم واقناعه بكل الطرق ان يسمح لها بالدخول كونها مسكينة تبحث عن مصروف يومها وليس هناك أي خطر يكمن ان تشكله بمروره وعلى مسؤوليتي
والحمد لله وافق أخيرا على السماح لها بالدخول من تلك النقطة الأولى، فتحركنا على متن سيارة شخص متعاون استعطفه موقف المرأة السبعينية وهو تمشي تحت أشعة الشمس وكلي أمل أن نتمكن من تجاوز النقطة الثانية والأخيرة والوصول إلى الجمارك ولكن للاسف رفض جنود النقطة الثانية السماح لها بالدخول بتاتا واصروا على إعادتها من حيث جاءت رغم ترجيها لهم وتوسلها وبكائها أمامهم.
نزلت من على متن السيارة .. وقالت انا بروح مشي باعيالي خلاص روحوا الله يوفقكم
قلت لها: ماشي فائدة يا امي مابيدخلوك العسكر حتى مشي وخلاص خذي هذه كمصروف ومواصلات اليوم وبكره بإذن الله يبعث لك الف وكيل وكيل.
وعدت وانا حزينا خائبا ومنكسرا من الموقف وحال هذه المسكينة ومما وصل اليه حال اسر عدنية عريقة وغادرت وانا اتجرع مرارة هزيمة انسانية بسبب فشلي في ايصال المسكينة الى مبتغاها من جهة ولعدم كفاية ماكان بحوزتي لإنقاذ الموقف.