هل الخصصة معالجة اقتصادية فعالة؟


الوضع القائم في البلد استثنائي لا شك، ورغم الحاجة الملحة للمعالجات - خصوصاً على الصعيد الاقتصادي - إلا أنها بحكم ظروف الواقع غير ممكنة، خصوصاً تلك المعالجات التي تتعلق بجوهر بعض المؤسسات الاقتصادية الكبيرة وذات الأهمية، فمن غير الممكن معالجة أوضاعها بطرق غير مدروسة سلفاً من حيث إن تلك المعالجات تشكل تحولا أفضل في أدائها أو أن النتيجة تكون مماثلة لقطاعات تم خصخصتها في الماضي وأدت النتائج إلى تدمير تلك المرافق التي كانت إنتاجية، وهو ما حمل الميزانية العامة للدولة أعباء العمالة التي كانت تابعة لتلك المؤسسات التي لم تكن أصلاً تعاني بل بالعكس كانت ترفد الخزينة العامة بموارد كبيرة.. 

وهنا نسأل: ما أهمية مثل هذه الخطوات غير المدروسة أصلاً والتي هي في حقيقة الأمر لم تكن إلا من سبل النهب وتوزيع تلك الأصول العامة لملاك جدد تحت غطاء "الاستثمار"، رغم أن هؤلاء لا يملكون في الأصل وعند استلام تلك المرافق الحيوية خُمس مقدرات أصولها المالية والعينية، وهي معادلة غريبة لا تتم إلا في مثل أحوال بلداننا للأسف. 

إذن نحن حالياً نمر بوضع استثنائي لا شك، ومعالجات من هذا النوع ربما تأتي بنتائج عكسية الأمر الذي يتطلب وضع معالجات تحاصر الفساد وتحد منه، وتمكين تلك المؤسسات من استمرار عملها خصوصاً وهي ترتبط بجوانب خدمية على نحو من الأهمية كما هو حال مصفاة النفط في عدن التي هي من أهم المرافق الحيوية الإنتاجية، والتي تمر بإخفاقات عدة جراء عدم استقرار أوضاعها وما يحيط بواقعها من فساد للأسف، وعدم إبداء معالجات واقعية بشأنها رغم امتلاكها كفاءات مشهود لها بالمهنية لما لها من تاريخ طويل في العمل والنجاح، ما يعني أن المؤشرات التي توحي بضرورة خصخصتها لا يمكن أن تشكل معالجة مثالية لوضعها من منظور أن معالجات من هذا النوع سابقة لم تكن سوى تدمير لتلك الصروح الاقتصادية والمرافق الإنتاجية الحيوية، والحال لا شك لا يختلف عن ما سبق. 

والأولوية في مثل هذا الوقت هو العمل على محاصرة بؤر الفساد والعبث بالموارد العامة، لأننا، وفق كافة المعطيات، لا يمكن أن نتحدث عن معالجات فعلية ونوعية طالما ونحن على هذا القدر من التعايش المفرط مع الفساد الماحق والاستباحة غير المسبوقه في نهب العائدات والموارد وتدمير البنى والأصول الثابتة التي يمكنها أن تشكل عامل نجاح للنهوض بما تبقى لدينا بعد كل ما حصل على مدى عقود مضت.