من يخشون اتفاق جدة

لا يمكن تفسير اتفاق جدة وفق تلك الإشطاطات التي يتعمد البعض إظهارها والترويج لها عبر وسائل الإعلام.. هذا الاصطياد في المياه العكرة ما جعل عليه البعض ولو من زاوية تمنية أنفسهم بالتعبير عما يدور في أذهانهم.
المسألة لا شك ليست بتلك البساطة، اتفاق جدة لم يتم إلا بعد مداولات أخذت وقتاً للتدقيق في كافة القضايا المطروحة، ولم يكن في الأصل إطاراً للحلول السياسية النهائية أو بداية عودة للمربع الأول ولا هو يكرر اتفاقات الماضي التي كانت نتائجها ما تخلقت من مآسي ومشكلات على صعيد الجنوب المغدور به وفق تلك الاتفاقيات التي استطاع الطرف الآخر تجاوزها والتخلص منها دون مواجهة أي ضغوط والتزامات تمنع حصول ما حصل.
الوضع بالنسبة لاتفاق جدة مختلف تماماً، سواء من حيث الفترة الزمنية الدقيقة وأوضاع اليمن عموماً والمنطقة بكل ما تشهد من تطورات تستدعي العمل بحزم تجاه معالجة الكثير من القضايا، ما يعني أن اتفاق جدة بالغ الدقة مقترن بخطة مزمنة للتنفيذ وملحقات تفسيرية لا يمكن معها التأويل وتلك التفسيرات التي ظهرت عقب التوقيع عليه، بهدف إحداث الخلط وإغاضة الأطراف الأخرى، وتصوير ما حصل تفريط من قبل قيادة الانتقالي.
وهنا نسأل هل من يطلقون العنان لتلك الدعايات المغرضة حريصون على الجنوب ومصالحه ودماء الشهداء؟، وهل قيادات الانتقالي كما يزعمون كانت مندفعة باتجاه الحصول على مواقع وزارية؟.
مثل هذا الطرح لا صحة له مطلقاً، فوطنية الفريق المفاوض لا غبار عليها بما أظهر من حرص على أن يلبي الاتفاق أشياءً كثيرة ليس يوجد ما بين سطورها ما يمكن تأويله وفق أهواء البعض، والانتقالي الجنوبي وقواعده بصورة عامة أحرص على الوفاء للجنوب والتحالف والتعاطي مع الوضع من منظور منطقي، آخذين في الاعتبار أن كل ما ورد في الاتفاق لا يتجاوز الحق الجنوبي بالمطلق.
وعلينا أن لا ننجز إلى ما هنالك من شائعات تأتي في نطاق الحرب الإعلامية التي تشن على الجنوب والانتقالي، وأن نسهم جميعاً باتجاه تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وبما يمكن من تجاوز آلية الفساد التي ولدت حجماً من المعاناة والخلط والفوضى على مدى الفترة الزمنية الماضية، وأن يذهب الجميع صوب إعادة تنظيم الصفوف على الصعيد من العسكري والأمني وبما يحقق الأهداف اللاحقة على الجانب العسكري والاقتصادي والإداري وتلك غايات ربما تضع الفساد في ساحة ضيقة للغاية، وهنا تكمن خشيتهم.
علما بأن أبرز مخرجاته هو تأمين هذا المنطقة الهامة من العالم وجعل مواقعها بعيدة عن الأحلام التي تراود البعض.